سمعت (يعني : من النص) ، نعم لا بأس به في غيره ، لو أبرزت الدعوى باشتغال الذمة بالزائد إنكاره. أما لو أبرزت في تشخيص سبب الشغل ، بحيث يكون الاستحقاق تبعيا ، فقد يمنع تقديم قول المشتري فيه ، ضرورة كون كل منهما مدعيا ومنكرا. ففي المقام ـ مثلا ـ يدعي البائع أن ما وقع ثمنا في عقد البيع المخصوص مائة ، والمشتري خمسون ، فنزاعهما في تشخيص العقد المشخص في الواقع ، ولا ريب في كون كل منهما مدعيا فيه ومنكرا. ولعله لذا احتمل التحالف الفاضل في كثير من كتبه ، بل عن ولده أنه صححه ، والشهيد الأوّل اختياره في قواعده وإن نسبه في الدروس إلى الندرة ، بل مال إليه هنا في جامع المقاصد». وفي مفتاح الكرامة ـ في مسألة ما لو اختلفا في قدر الاجرة فقال : آجرتك سنة بدينار ، فقال : بل بنصفه ـ نسب إلى المهذب القول بالتحالف ، وإلى جامع المقاصد أنه قال : «لا ريب في قوة التحالف» ، وإلى المختلف أنه قال : «أنه متجه» انتهى. والثاني منسوب إلى المشهور. لكن عرفت أن الوجه في النسبة : استفادة ذلك من بنائهم على إجراء حكم المدعي والمنكر في كثير من موارد النزاع ، وإلّا فقد عرفت أنه لا تصريح منهم بذلك.
وكيف كان : فما يتفرع على الخلاف المذكور أنه إذا قال المالك : آجرتك الدار بعشرة ، فقال الآخر : آجرتنيها بخمسة ، فعلى الأوّل : أنهما متداعيان لاختلافهما في المدعى لكل منهما ، وعلى الثاني : أنهما مدع ومنكر ، لأن غرض الأوّل استحقاق العشرة ، وغرض خصمه نفي استحقاق الخمسة الزائدة على الخمسة التي يعترف بها ، وهذا النفي مقتضى الأصل ، فمدعي خلافه مدّع ، ومدعيه منكر.