وأما الثاني فقد يوجه بأنه إذا شرع في الإحرام فقد وجب عليه الإتمام ، فيكون تركه غير مقدور ، فلا أثر للعدول عن البذل. ونظيره ما ذكر ـ في من أذن لغيره في الصلاة في ملكه ـ : من أنه بعد الشروع في الصلاة لا أثر لمنع المالك (١) ،
__________________
ـ بعض كلامه غير متوقع منه (مصباح الفقاهة ج ٢ / ٩٨ طبعة بيروت). نعم لا بدّ من تخصيص الآية أو إطلاقها بغير الوعيد فإنّ الوفاء به غير واجب قطعا كما قيل لكن المتوعد بالشر إذا لم يكن بانيا على إيصاله حال الوعيد فهو كاذب ، فلا بد من حمل الآيات المشتملة على الوعيد على بيان الاستحقاق دون العقاب الفعلي بالنسبة إلى المؤمنين. ثم إن للسيّد الأستاذ الخوئي كلاما في تقريراته (مصباح الفقاهة ج ٢ / ٩٧).
الروايات الواردة في هذا المقام كثيرة جدا ، وكلها ظاهرة في وجوب الوفاء بالوعد .. ولكن خلف الوعد حيث كان يعمّ به البلوى لجميع الطبقات في جميع الأزمان ، فلو كان حراما لاشتهر بين الفقهاء .. ومع ذلك كله فقد أفتوا باستحباب الوفاء وكراهة مخالفته حتى المحدثين منهم.
لكن الذي يسهل الخطب أن السيرة القطعية بين المتشرعة قائمة على جواز خلف الوعد وعلى عدم معاملة من أخلف معاملة الفساق ، ولم نعهد من أعاظم الأصحاب أن ينكروا على مخالفة الوعد كإنكارهم على مخالفة الواجب وارتكاب الحرام. والأوفق بالاحتياط هو الوفاء بالعهد. انتهى.
أقول : وهذا الاحتياط عندنا واجب ، لكن الأرجح بعض الصور انصراف الآية والخبرين عن المقام فإنه عمل بوعده بالبذل والآن يريد الرجوع فيه لا أنه لا يبذل فتأمل فيه.
(١) والأظهر عدم ثبوت دليل معتبر على حرمة قطع الصلاة الواجبة.