للزرع والغرس ـ فهو أنه إن بني على تأثير الرجوع في حرمة التصرف فلا إشكال في الضمان (١). أما لو بني على عدم تأثيره ، فقد يقال بعدم الضمان ، لوجوب البذل شرعا ، المقتضي لعدم احترام المال. وفيه : أن وجوب البذل أعم من عدم احترام المال ، نظير البذل عند المخمصة ، فإنه مضمون على المتصرف فيه بالأكل.
وبالجملة : وجوب بذل المال ، ووجوب تصرف المبذول له فيه لا يقتضي نفي الضمان الثابت بالإتلاف ، لعدم المنافاة بينهما كي يدل أحدهما على عدم الآخر. وكذا الكلام في ضمان منافع الأرض المبذولة للغرس والزرع والبناء إذا لزم الضرر من إخلائها من ذلك عند رجوع الباذل عن إذنه ، فلاحظ (٢).
ومن ذلك تعرف حكم الرجوع عن الإذن في الموارد المختلفة ، فإن رجوع الباذل للرهن لا أثر له ، ورجوع المعير للزرع والغرس ونحوهما يترتب عليه الأثر تكليفا ووضعا ، إلّا مع الضرر فيترتب أثره وضعا لا تكليفا ، ورجوع الآذن في الصلاة يترتب أثره تكليفا ووضعا ، فتبطل الصلاة معه ويكون المصلي ضامنا ، وكذا
__________________
(١) هذا في التصرف المتأخر عن رجوع الباذل عن بذله لا بأس به وإن اريد من الضمان ضمان التصرف السابق على الرجوع وبعد الإذن فلا دليل عليه ولعله واضح.
(٢) الضرر الناشئ عن الانخلاء قد يكون لازما لمطلق الانخلاء وقد يكون ناشئا عن رجوع المالك قبل ما يتوقع رجوعه من الزمان والمسلم من الضمان هو الضمان في الأوّل دون الثاني فإنه مستند إلى نفس الباذل ولقاعدة العدل المحررة في ص ١٤٣ وما بعدها من كتابنا الأرض في الفقه.