وكذا بناء على ما ذكره شيخنا الأعظم رضى الله عنه في تفسير الشرط المخالف للكتاب والسنة بأنه ما كان على خلاف إطلاق دليل الحكم ، فإن إطلاق قوله عليهالسلام : «إذا رضي المضمون له فقد برئت ذمة الميت» (١) يقتضي البراءة حتى مع الشرط المذكور ، فيكون الشرط المذكور مخالفا لدليل الحكم ، فيبطل. وإن كان ما ذكره قدسسره ضعيفا ، فإن أكثر أدلة الأحكام مطلقة من حيث العنوان الثانوي حتى الأحكام غير الإلزامية ، وحينئذ يشكل الأمر في أكثر الشروط ، إذ ما من شرط إلّا ويبدل حكم مشروطه إلى اللزوم ، وهو مناف لإطلاق دليل حكم المشروط ، ولازم ذلك بطلان الشروط عامة إلّا النادر منها ، وهو كما ترى.
ودعوى : أنّ أغلب المباحات والمستحبات والمكروهات بل جميعها إنما دل دليلها على حكمها بالنظر إلى الذات ومن حيث نفسها ومجردا عن ملاحظة عنوان آخر طارئ عليه ، بخلاف أغلب المحرمات والواجبات ، فإن دليل الحكم بالمنع عن الفعل أو الترك مطلق لا مقيد بحيثية تجرد الموضوع. ممنوعة ، لورود أدلة الطرفين على نهج واحد ، إما مطلقة من حيث العناوين الثانوية أو مهملة. بل ربما وردت في سياق واحد ، مثل قوله تعالى : (يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) وقوله تعالى : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) فالتفكيك بينهما بحمل : (أحل) على النظر إلى الذات دون العناوين الثانوية ، و (حرم) بالنظر إلى العناوين الثانوية ، بلا فارق.
__________________
(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب كتاب الضمان حديث : ١.