وتوضيح ذلك : أن انتفاء التكليف (تارة) : لعدم المقتضي ، كما في المباحات الخالية عن المفسدة. (واخرى) : لوجود المانع ، كما إذا كان الشيء فيه
__________________
ـ انحلال العلم الاجمالي بخروج أحد الطرفين عن محل الابتلاء ، وذكر في وجهه أن العلم الاجمالي ليس بنفسه علة في تنجيز متعلقه ، وانما تنجيزه مستند إلى تساقط الاصول في اطرافه بالمعارضة وإذا كانت الاطراف مقدورة له عقلا ولو بواسطة أو وسائط فمجرد خروج بعضها عن محل الابتلاء بالفعل مع التمكن منه عقلا غير مستلزم لانحلاله بوجه. وذلك لان جريان الاصل في كلا الطرفين مستلزم للترخيص في المخالفة القطعية وفي احدهما ترجيح من غير مرجح. ولاحظ (التنقيح ج ٢ / ١٧٥ و ١٧٦).
أقول : والاظهر أنّ وجوب الاجتناب عن الطرفين مستند إلى نفس العلم الاجمالي وان مجرد القدرة على امر لا يكفي لتنجز الخطاب بعد فرض قبحه عرفا بخروجه عن محل الابتلاء كما افاده سيدنا الاستاذ الماتن رضى الله عنه.
لا يقال : قد تقدم من السيّد الاستاذ الماتن في حكم ملاقي الشبهة المحصورة ان فقد الملاقي ـ بالفتح ـ لا يوجب عدم جريان الاصل فيه لاثبات طهارة الملاقي ـ بالكسر ـ بل يجري ويتعارض مع الأصل الجاري في الطرف الآخر. وان شئت فقل : الفقدان غير مانع من جريان الأصل في المفقود إذا كان الأثر المقصود منه ثابتا لموضوع موجود. أليس هذا منافيا لما ذكره هنا؟
فانه يقال : الحكم بطهارة الماء المهروق مثلا لا قبح فيه إذا كان لها اثر فعلي. وأما الامر بالاجتناب فعلا عن ماء مهروق أو شيء آخر خارج عن محل الابتلاء فهو قبيح عرفا. فالقبيح ليس مجرد اعتبار لمعدوم بل الاعتبار الباعث والزاجر إلى ما فقد وعدم.