وكذا الحكم لو لم يبن على تقييد إطلاق دليل وجوب التام بدليل وجوب الناقص ، بل على بدلية الناقص عن التام على نحو يفي بتمام مصلحته فيكون التام في حال العذر واجبا والناقص واجبا بدلا على نحو البدلية التامة عنه ، كما هو محتمل أدلة مشروعية التقية بعد الجمع بينها وبين أدلة الواقع الأوّلي ، فان العمل المتقي به بعد ما كان بدلا عن الواقع ووافيا بتمام مصلحته كان مجزئا عنه ، ولو مع ارتفاع التقية ، لأن الاتيان به امتثال للأمر بالواقع كالاتيان بالواقع نفسه ، فلا موجب للاعادة بعد ارتفاع العذر.
نعم لو بني على اعتبار عدم وجود المندوحة في صحة الناقص فاللازم حينئذ القول بوجوب إعادته بعد زوال العذر لو كان قد وقع مشروعا صحيحا ، كما لو توضأ المعذور في آخر الوقت فصلى وبعد خروج الوقت زال عذره ولم يكن قد أحدث. ووجه ذلك : أنك قد عرفت أن الوجه في اعتبار عدم المندوحة كون الدليل مسوقا مساق جعل شيء على المكلف في فرض سقوط التكليف الأولي لأجل العذر ، فلا يدل على انتفاء ملاك الفعل التام ومصلحته في تلك الحال ، فيكون إطلاق دليل وجوبه الشامل لحال العذر محكما ، فيدل على بقاء مناطه في حال العذر. ولأجل ذلك قيل بوجوب المبادرة إلى التام لو علم بطروء الاضطرار في أثناء الوقت إلى تركه ـ كما تقدم في المسألة السابعة والثلاثين ـ فاذا كان إطلاق دليل التام يقتضي وجود المناط فيه تعيينا حتى في حال العذر بحيث يحرم تفويته اختيارا ، ولم يكن دليل مشروعية الناقص مزاحما له في ذلك ، بل إنما يكون دالا على جعل شيء على المكلف في تلك الحال ، من دون دلالة على وفائه