والثبوت في العهدة فينتفي ذلك عند انتفاء أحدهما ، وإن كان التكليف بحاله. نظير وجود الحجة على التكليف ، فكما أنه لا يتوقف عليه التكليف نفسه ، وانما يتوقف عليه اشتغال الذمة به ، كذلك الدخول في محل الابتلاء والقدرة ، فالخطاب بالاجتناب عن النجس نسبته إلى الداخل في الابتلاء وغيره والمقدور وغيره ، نسبة واحدة ، وكما أنه حاك عن الكراهة في الأول منهما حاك عنها في الثاني أيضا ، فهما لا يختلفان من حيث تعلق التكليف ، وانما يختلفان من حيث أن العلم بالتكليف موجب في الأوّل منهما للاشتغال ، بحيث يرى المكلف نفسه في كلفة وعهدة مشغولة ، وليس كذلك في الثاني بل يكون حاله بعد العلم حاله قبل العلم.
فإن قلت : الخارج عن الابتلاء خارج عن القدرة ، فشرطية عدم الخروج عن الابتلاء في تنجيز العلم الاجمالي راجع إلى شرطية القدرة على كل من الطرفين ، فما الوجه في جعله مقابلا له؟ (قلت) : ما ذكر ممنوع فان البعد الموجب لخروج الشيء عن محل الابتلاء للمكلف لا يوجب سلب قدرته عليه ، لأن المقدور بالواسطة مقدور. ولذا صح التكليف بالحج لأهل الصين ، ولا يصح نهيهم عن استعمال الاناء الذي في مكة ، إذا لم يكونوا في مقام السفر إلى الحج. أما إذا كانوا في مقام السفر إلى الحج كان الاناء الذي في مكة محل ابتلائهم ، فيصح نهيهم عنه.
هذا وإذا عرفت أن خروج بعض أطراف المعلوم بالاجمال عن محل الابتلاء مانع من تنجيز العلم لذلك المعلوم بالاجمال ، يكون الطرف الآخر المعلوم بالاجمال من قبيل الشبهة البدوية ، فيتعين الرجوع فيه إلى الأصل الموضوعي أو