من كل من القسمين ، فيخرج منه الأعيان الخارجية المملوكة ، وكذا الذميات من أعيان ومعان ، لعدم كونها قائمة بمن له الذمة ، وانما هي في الذمة ، كما تخرج عنه منافع الأعيان لصحة اعتبارها من دون اعتبار مالك لها كما عرفت ، ولذا لا إشكال ولا خلاف في عدم سقوطها بالاسقاط. نعم لا فرق بين الذميات ـ من أعيان ومعان ـ في سقوطها بالاسقاط كالحقوق إلّا أنها لا تسمى عندهم حقوقا ، لاختصاص الحق ـ كما عرفت ـ بالملك القائم بموضوع ، وليست هي كذلك : ومن ذلك يظهر أن الدين في ذمة الحر ليس من الحقوق ، والاقتصاص القائم برقبة الحر الجاني منها ، ولذا ينعدم الثاني بانعدام موضوعه ، ولا ينعدم الأوّل بانعدام ذي الذمة ، بل يستوفى من تركته أو من غيرها. ولا يقال للدين : إنّه ثابت في المديون ، ويقال : إنه ثابت في ذمته.
ومن ذلك يظهر أن قول شيخنا الأعظم رضى الله عنه في مكاسبه : «وأما الحقوق الأخر ...» مبني على المسامحة ، ولذا ضرب في النسخ المصححة على لفظ : «الأخر» لظهوره في أن عمل الحر من الحقوق ، وليس هو منها كما عرفت. نعم عمل الحر إذ كان الحر من قبيل الأجير الخاص من الحقوق ، فيسقط بالاسقاط. والفرق بينه وبين منافع الرق ومنافع سائر الأعيان المملوكة جاء من جهة الفرق بينهما بالمملوكية واللامملوكية ، ولذا لو حبس الحر لم يضمن منافعه ، وإذا حبس الرق ضمن منافعه. فلا يصح أن يضاف إلى المحكوم عليه إضافة الملكية ، كما يصح أن يضاف الحق إلى المستحق ، مع أن الحق من أحكامه السقوط بالاسقاط ، للقاعدة المقررة بين العقلاء من أن لكل ذي حق إسقاط حقه ، كما ذكر ذلك شيخنا