ومن ذلك يشكل البناء على عموم صحة النيابة ولو تبرعا.
والمتحصل مما ذكرنا : أن مقتضى الجمود على ما تحت مفاد الأدلة الأولية هو عدم صحة النيابة في أمثال المقام ، وأن المحاز ملك للحائز مباشرة. وبعد ملاحظة ما دل على قبول مثل ذلك للنيابة ، والجمع بينه وبين الأدلة الأولية ، يتعين البناء على أن المحاز ملك لمالك الحيازة ، لا من قامت به الحيازة ، نظير : «من أحيا أرضا» و «من بنى مسجدا». وهذا الملك تارة : يكون بالاجارة ، واخرى : يكون بغيرها من جعالة ونحوها ، وقد يكون بالأمر بها مجانا ، فيحوز المأمور بنية ملك الآمر. أما تبرع الحائز بدون إذن من حاز له فلا أثر له في الملك ، لما عرفت من أنه خلاف قاعدة السلطنة. بل قد يشكل حصوله بمجرد الأمر بالحيازة مجانا ، لعدم الدليل على حصول الملك بمجرد ذلك. وقبول الحيازة للنيابة لا يقتضي ذلك ، لأن القابلية أعم من الفعلية ، فما لم يقم دليل على النفوذ يكون المرجع اصالة عدم ترتب الاثر. اللهم إلّا أن يدخل ذلك في الهبة ، فيدل على ترتب الأثر ما دل على نفوذ الهبة. فتأمّل (١).
ثم إنه هل يعتبر في ملك الحائز لما حاز ، نية التملك ، أو لا يعتبر ذلك؟ في الشرائع : «قيل : لا. وفيه تردد». وفي القواعد : «فيه اشكال. وصريح المبسوط في
__________________
ـ بمجرد التبرع ، فعدم تاثير التبرع في ملكية عمله للغير المقصود ليس من اقتضاء قاعدة السلطنة ، بل هو مخالف لها ، فانها تقتضي تأثير تبرعه في ملكية المتبرع له فلاحظ. فان قاعدة السلطنة لا تكون مشرعة.
(١) ولعله وجهه انه يشمل التبرع من دون امر آمر أيضا.