الجهات ليس على الحقيقة ، فالوقف على المساجد أو الثغور أو المصالح الاخرى لا يستدعي ملك النماء للمسجد أو الثغر أو نحوهما من المصالح ، وإنما يقتضي اختصاص النماء بها ، لان المتبوعية الناشئة عن نحو من الاستيلاء والجدة التي تصحح اعتبار المالكية (١) لا تكون للمساجد ولا للثغور ، وكذلك الحيوان لا يقبل مثل هذه المتبوعية ، فاللام في قولنا : السرج للدابة ليست للملك مهما أراد مالكهما ذلك ، لعدم أهلية الدابة لذلك ، فالميت أولى من الحيوان والجماد في ذلك ، لانه معدم لا يقوى على هذه المالكية ، بل هو بعيد عنها جدا.
ولا بد حينئذ من البناء في المقام على انتقال المال من الموصي إلى ورثة الموصى له ، ومجرد كون الميت ينتفع بالمال ـ كما ثبت ذلك في الشرع المقدس ـ لا يقتضي أنه له قابلية المالكية لأنه أعم ، فان الحيوان ينتفع بالعلف ولا يقوى على المالكية. وبالجملة : المالكية اضافة خاصة لا تقوم إلّا بحياة خاصّة فالميت مهما كان له من أهلية التنعم والانتفاع وخلافهما لا يقوى على المالكية ولعل النفوس المجردة ـ مثل الجن والملك (٢) ـ كذلك مهما كان لهما من أعمال جبارة عن شعور
__________________
(١) خلط بين الملكية المقولية والملكية الاعتبارية والاولى فلسفية والثانية فقهية عرفية وهي دون الملكة المقولية وفوقها الملكية الاشراقية. ولا شك ان المقولية جارية في الجماد والحيوان.
(٢) الملك والجن من الأجسام اللطيفة دون المجردات ، إلّا أن يقال المجرد هو نفسهما وروحهما لا بدنهما. كما في الانسان فان بدنه من الاجسام الكثيفة