نفس العلم من جهة اقتضائه تنجيز متعلقه المردد بن الاطراف ، فالترخيص في ارتكاب طرف منها مخالفة لمقتضى العلم ، وذلك يؤدي إلى احتمال التناقض (١).
وقد يدفع أيضا ـ كما في كلام غير واحد من الأعيان ـ : بأن العلم الاجمالي القائم بين الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف الملاقي ـ بالفتح ـ ناشئ من العلم الاجمالي القائم بين الاصلين ، ففي الرتبة السابقة يكون ذلك العلم منجزا للطرفين ، فيكون العلم الثاني قائما بين طرفين أحدهما منجز بالعلم الأوّل ، فينحل بذلك العلم الثاني ، ويمتنع أن ينجز متعلقه لاحتمال انطباقه على ما هو متنجز بالعلم الأوّل ، وإذا سقط العلم الثاني عن المنجزية كان الفرد الملاقي ـ بالكسر ـ بلا منجز ، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه.
لكن فيه : أن العلم بنجاسة الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف الملاقي ـ بالفتح ـ ليس منجزا ، لعدم تعلقه بالحكم ، بل بالموضوع ، وكذلك العلم بنجاسة أحد الأصلين فإنه أيضا غير منجز لتعلقه بالموضوع ، وإنما المنجز العلم بوجوب الاجتناب عن أحد الأصلين المتولد من العلم بالنجاسة في أحدهما ، والعلم بوجوب الاجتناب عن أحد الأمرين من الملاقي ـ بالكسر ـ وطرف الملاقي ـ بالفتح ـ المتولد من العلم بنجاسة أحدهما ، والعلم بالوجوب في المورد الثاني ليس متولدا من العلم به في المورد الأوّل ، فلا ترتب بينهما ، وإنما الترتب بين علتيهما وهما العلمان بالموضوع لكنهما لا أثر لهما ، ترتبا أو لم يترتبا.
__________________
(١) كما نقله في حقائق الأصول ج ٢ / ٢٨٣.