وقد يدفع أيضا ـ كما في كلام الاستاذ قدسسره في كفايته (١) ـ : بأن العلم الذي أحد طرفيه الملاقي ـ بالكسر ـ متأخّر عن العلم الذي أحد طرفيه الملاقي ـ بالفتح ـ فيكون حادثا بعد تنجز طرفي العلم السابق ، فيكون أحد طرفيه متنجزا قبل حدوثه ، فينحل بذلك ويسقط عن التأثير (٢).
وقد يشكل : بأنه إنما يتم لو بني على أن العلم بحدوثه يوجب تنجز المعلوم إلى الأبد ، لكنه خلاف التحقيق ، وإلّا لزم بقاء التنجز ولو ارتفع العلم ، كما لو طرأ الشك الساري ، أو علم بالخطإ ، ولكنه خلاف المقطوع به ، فلا بدّ أن يكون التنجز منوطا بالعلم حدوثا وبقاء ، فبحدوث العلم يتنجز المعلوم ، وببقائه يبقى التنجز ـ كما أشرنا إلى ذلك كله آنفا ـ وحينئذ فلا أثر لسبق أحد العلمين ، فإن السابق إنما
__________________
(١) في الجزء الثاني في مبحث العلم الاجمالي ، وله (أي صاحب الكافية رضى عنه الله) تفصيل ثلاثي في المقام كما يأتي اختياره من السيّد الاستاذ الماتن قدسسره وهو الاظهر.
(٢) لاحظ ما ذكره سيدنا الاستاذ الخوئي قدسسره في هذا المقام في مصباح الاصول ٢ / ٤١٠. وفيه (٢ / ٤١٤) ثلاثة امثلة :
١ ـ علمنا إجمالا بوقوع النجاسة في أحدهما وكان أحدهما محكوما بالنجاسة لأجل الاستصحاب فلا يتنجز لعدم المعارض لاصالة الطهارة في الآخر.
٢ ـ إذا كان مجرد الشك منجزا للتكليف في بعض الأطراف كما لو علم اجمالا بعدم اتيان العصر أو المغرب (في الليل) فيرجع بالنسبة إلى صلاة العصر إلى قاعدة الحيلولة أو اصالة عدم وجوب القضاء لانه بفرض جديد.
٣ ـ علمنا بنجاسة أحد الماءين ثم علمنا بوقوع نجاسة فيهما أو إناء ثالث.