نفس الذات ، وحينئذ صح النذر إذا كانت الذات راجحة في الجملة في حال القيد من دون لزوم ارتكاب أمر مرجوح ، كما لو نذر ذات الصلاة التي تكون في الحمام ، بجعل الموصول معرفا لتلك الذات المخصوصة ، وكأنّه إلى ما ذكرنا أشار كاشف اللثام في صلاة النذر ان اشتراط المزية في المكان إنما هو إذا كان النذر نذرين ، كأن يقول : لله عليّ أن اصلي ركعتين. وأصليهما في مكان كذا. أما لو قال : لله علي أن اصلي ركعتين في مكان كذا.
فمصحح النذر إنّما هو رجحان الصلاة فيه على تركها ، وهو حاصل وإن كرهت فيه ، لأن الكراهة إنما هي قلة الثواب ، انتهى.
وأمّا ما نحن فيه ـ أعني : نذر الوضوء الرافع ـ فالظاهر أنه ليس من قبيل الأقسام المذكورة ، بل هو قسم آخر لأن الوضوء الرافع إنما يشرع على تقدير الحدث ، فاذا كانت مشروعيته على هذا التقدير كان نذره صحيحا أيضا منوطا بذلك التقدير ، نظير نذر التوبة ، فانه لا يصح إلّا على تقدير الذنب ، ولا يكون مقتضيا لفعل الذنب ، وكذلك في المقام نذر الوضوء الرافع لا يكون مقتضيا لفعل الحدث. فلو نذره على نحو يكون مقتضيا لفعل الحدث كان باطلا ، لأنه غير راجح (١) ، وكذا نذر التوبة على نحو يكون مقتضيا لفعل الذنب ، ونذر استعمال الدواء على نحو يكون مقتضيا لفعل المرض. وبالجملة : نذر الوضوء الرافع إن كان
__________________
(١) فان الراجح بقاء المكلف على الوضوء والطهارة في جميع الأوقات كما استدل عليه بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (البقرة : ٢٢٢).