وكيف يكون الأصل مثبتا لحكم ليس هو مجرى له ولا أثرا لمجراه؟! وهل الأصل المثبت إلّا هذا؟! مع أنه لو سلم فهو مطرد في كل من الأصلين. فما الوجه المميز لاحدهما عن الآخر؟! بحيث يكون الأصل التعليقي موجبا للتعبد بخلاف الأصل التنجيزي ، ولا يكون الاصل التنجيزي موجبا للتعبد بخلاف الأصل التعليقي ، مع أن دليلهما واحد ، ومورديهما طرفا شك واحد ، متقوم بهما على نحو واحد. فما ذكره مما لم يتضح وجهه ، على نحو يصح الخروج به عن القواعد المقررة بينهم ، المبرهن عليها عندهم.
هذا والاستاذ قدسسره في الكفاية أجاب عن إشكال المعارضة : بأن الحلية الثابتة قبل الغليان ، كانت مغياة بالغليان ، لأن الغليان في حال العنبية كما كان سببا للحرمة كان رافعا للحلية ، فبعد حدوث وصف الزبيبية يشك في بقاء الحرمة المعلقة على الغليان ، وفي بقاء الحلية المغياة بالغليان ، وبقاء الحلية المغياة بالغليان لا ينافي الحرمة المعلقة عليه ، بل هما متلازمان ، فلا يكون الأصلان الجاريان فيهما متعارضين ، فان قوام المعارضة في الاصول أن يعلم بكذب أحدهما إجمالا ، وهو غير حاصل في المتلازمين (١).
__________________
(١) وقبله السيّد الاستاذ الخوئي رحمهالله وقال بانه متين جدا ، وذكر أن نظير المقام ، ما إذا كان المكلف محدثا بالحدث الاصغر ورأى بللا مرددا بين البول والمني فتوضأ ، لم يمكن جريان استصحاب كلى الحدث ، لوجود أصل حاكم عليه ، وهو اصالة عدم حدوث الجنابة واصالة عدم تبدّل الحدث الاصغر بالحدث الأكبر ، والمقام من هذا القبيل بعينه.