يدعى اقتضاء اورعيته الفحص وبذل الجهد زيادة عما يصدر من العادل فيكون قوله اوثق من حيث الاستكشاف عن الحكم الواقعي وهو حق واضح كوضوح اصل تعيين العمل بقوله.
ويدل عليه مضافا الى ما ذكر مقبولة عمر بن حنظلة وغيرها من الأخبار المزبورة وبما ذكرنا في بيان كون قوله اقوى ظنا يسقط ما عن النهاية وشرح الزبدة من احتمال التخيير نظرا الى ان مناط التقليد وهو العلم والورع موجود في المفضول ولا ترجح فيما يتعلق بالاجتهاد الذي هو العلم (١) انتهى.
وليعلم ان الاورعية في المفتى تتصور على وجهين احدهما في العمل بان يكون احدهما مجتنبا عن المشتبهات دون الآخر ثانيهما : في الاستنباط اما بمعنى فحص احدهما عن الدليل في استنباطاته اكثر من المقدار المعتبر في الفحص عنه واما بمعنى عدم افتاء احدهما في المسائل الخلافية واحتياطه فيها دون الآخر وبالجملة ان مقتضى كلام الماتن ان الاورعية مرجحة فيما اذا كانا متساويين في العلم والظاهر منه صورة العلم بالمخالفة بينهما في الفتوى.
والذي يمكن ان يستدل به على ان الأورعية مرجّحة وجوه :
١ ـ مقبولة عمر بن حنظلة : حيث قال ابو عبد الله عليهالسلام في الجواب عن قوله فان كان كل واحد اختار رجلا من اصحابنا فرضيا ان يكونا الناظرين في حقهما واختلف فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم؟
«الحكم ما حكم به اعدلهما وافقههما واصدقهما في الحديث واورعهما ولا يلتفت الى ما حكم به الآخر» (٢)
__________________
(١) رسالة تقليد الاعلم للعلامة الرشتي ص ٨١.
(٢) الخبر ١ من الباب ٩ من ابواب صفات القاضي ج ١٨ الوسائل ٧٥.