وتقريب جريان الأصل فيما نحن فيه حيث ان الأمر دائر بين التخيير والتعيين يتّضح بذكر امور :
الأوّل : ان التخيير على أقسام :
القسم الأول : التخيير العقلي الثابت في تعلق الوجوب بطبيعة ذات أفراد فإن التخيير بين أفرادها انما يكون بحكم العقل ، فإذا قال اعتق رقبة يحكم العقل بتساوي أفرادها في تعلق الحكم بها فالإتيان بأيّ فرد منها يوجب الامتثال وسقوط الأمر.
القسم الثاني : التخيير الشرعي الذي يتكفّله الخطاب كخصال الكفّارة من عتق رقبة وصيام شهرين واطعام ستّين مسكينا ، فالتخيير بينها شرعي.
والقسم الثالث : التخيير العقلي الثابت في باب التزاحم فإذا قال انقذ الغريق ولكن المكلّف لم يكن قادرا إلّا على انقاذ واحد من الغريقين فالعقل يحكم بالتخيير بينهما مع تساوي ملاكيهما وبتعيّن انقاذ أحدهما مع أهميّة ملاكه من ملاك الآخر ، وكذا مع احتمال أهمّية ملاكه فالتخيير حينئذ عقليّ ناش من التزاحم في مقام الامتثال وليس بينهما تزاحم في مقام الجعل (والتزاحم في مقام الجعل المسمّى بتزاحم الملاكات باب آخر وهو غير ما نحن فيه).
القسم الرابع : التخيير بين فعل شيء وتركه لدوران حكمه بين الوجوب والحرمة مع عدم مرجّح لأحدهما والتخيير فيه قهري وتكوينيّ ، فإن التخيير في دوران الأمر بين المحذورين ليس شرعيّا ولا عقليا ، أمّا عدم كونه شرعيا فواضح ، لأنّ حكم الفعل واقعا واحد معيّن امّا الوجوب