الواقع على حاله حتّى يحرم المخالفة القطعية فإنّ ضمّ غير الواقع إلى الواقع لا يحدث عقابا على الواقع والمانع من تنجز التكليف هو الاضطرار لا اختيار ما يرتكبه في مقام الاضطرار حتّى يعقل التكليف المتوسط المصطلح عليه عند بعضهم تبعا للشيخ الأعظم قدسسره بداهة أنّه مأذون في الارتكاب سواء ارتكب أم لا إلى أن قال : وممّا ذكرنا تبين أنّه لا وجه للالتزام بالتوسط في التكليف بحيث يكون باقيا على تقدير ارتكاب غير الحرام وساقطا على تقدير ارتكاب الحرام فإنّ لزوم الالتزام به فيما إذا قام الدليل على ارتفاع الحرمة بارتكاب متعلقها فحينئذ يعلم منه بانضمامه إلى دليل الحرمة اختصاصها بمن لم يرتكب متعلقها مع أنّه ليس كذلك بل الترخيص شرعا أو عقلا يدور مدار الاضطرار المشفوع بالجهل بالحرام تطبيقا فمن أوّل الأمر يجوز له ارتكاب أيّ واحد كان سواء ارتكب أم لا يرتكب.
ونفس جواز الارتكاب وإن صادف الواقع مناف عقلا لفعلية الحرمة واستحقاق العقاب على المخالفة عند المصادفة فتدبّر جيدا (١).
ودعوى : الفرق بين الترخيص بسبب عنوان واقعي كالاضطرار وبين الترخيص بسبب عنوان ظاهري كالجهل بالحرام أو الواجب والحكم الواقعي مرتفع في الأوّل دون الثاني ألا ترى أنّ وجوب الاستقبال في الصلاة لا يرتفع عند الجهل بالقبلة مع تجويز الاستقبال إلى أحد الأطراف لضيق الوقت ونحوه وليس ذلك لكون سبب الترخيص هو الجهل وهو من العناوين الظاهرية والمقام من قبيل الثاني لأنّ الترخيص من ناحية الجهل لا من ناحية الاضطرار إذ الاضطرار إلى الحرام الواقعي وإنّما نشأ الاضطرار في طول الجهل بالحرام الواقعي.
مندفعة : بما مرّ من أنّ الترخيص يدور مدار الاضطرار المشفوع بالجهل بالحرام تطبيقا فإنّه يقتضي جواز ارتكاب أيّ طرف يشاء فالعنوان الواقعي وهو الاضطرار سبب
__________________
(١) نهاية الدراية / ج ٢ ، ص ٢٥٠.