فالحرام وهو شرب النجس لا يكون مورد الاضطرار حتّى لا يمكن التكليف الفعلي فيه بل مورد الاضطرار هو ترك جميع أطراف المعلوم بالإجمال فيكتفي بترك أحدهما لرفع الاضطرار باختيار الطرف الآخر ويكون معذورا في عدم الموافقة القطعية وبعبارة أخرى كما أفاد السيّد المحقّق الخوئي قدسسره أنّ الاضطرار لم يتعلّق بخصوص الحرام كي ترتفع حرمته به وإنّما تعلّق بالجامع بينه وبين الحلال على الفرض فالجامع هو المضطر إليه وأحدهما مع الخصوصية هو الحرام فما هو المضطر إليه ليس بحرام وما هو حرام ليس بمضطر إليه فلا وجه لرفع اليد عن حرمة الحرام المعلوم بالإجمال لأجل الاضطرار إلى الجامع كما لو أضطر إلى شرب أحد الماءين مع العلم التفصيلي بنجاسة أحدهما المعين فهل يتوهم رفع الحرمة عن الحرام المعلوم تفصيلا لأجل الاضطرار إلى الجامع والمقام من هذا القبيل لعدم الفرق بين العلم التفصيلي والعلم الإجمالي من هذه الجهة وهذا أعني تعلّق الاضطرار بالجامع هو الفارق بين هذا المقام والمقام السابق فإنّ الاضطرار هناك كان متعلقا بأحدهما المعين وهو رافع للحرمة على تقدير ثبوتها مع قطع النظر عن الاضطرار بخلاف المقام فإنّ الاضطرار فيه لم يتعلّق إلّا بالجامع والاضطرار إلى أحد الأمرين من الحرام أو الحلال لا يوجب رفع الحرمة عن الحرام غاية الأمر أنّ وجوب الموافقة القطعية ممّا لا يمكن الالتزام به بعد الاضطرار إلى الجامع لأنّ الموافقة القطعية إنّما تحصل بالاجتناب عنهما معا وهو طرح لأدلة الاضطرار ويكون نظير الاجتناب عما أضطر إليه معينا وتبقى حرمة المخالفة القطعية بارتكابهما معا على حالها إذ لا موجب لرفع اليد عنها بعد التمكن منها كما هو المفروض (١).
ونحو ذلك في تهذيب الاصول وغيره هذا.
ولكن ذهب المحقّق الاصفهاني قدسسره في أخير كلامه إلى عدم وجوب الاحتياط حيث قال لأنّ المعذورية في ارتكاب أحدهما ورفع عقاب الواقع عند المصادفة ينافي بقاء عقاب
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٣٨٨ ـ ٣٨٩.