وحاصله ثبوت التكليف بالواقع من الطريق الذي رخّص الشارع في امتثاله منه وهو ترك باقي المحتملات.
وهذا نظير جميع الطرق الشرعية المجعولة للتكاليف الواقعية ومرجعه إلى القناعة عن الواقع ببعض محتملاته معينا كما في الأخذ بالحالة السابقة في الاستصحاب أو مخيّرا كما في موارد التخيير الخ (١).
وعليه فالترخيص في بعض الأطراف لا ينافي التكليف الفعلي الواقعي المعلوم بالإجمال لأنّه ليس ترخيص فيه بل هو ترخيص في طريق امتثاله وهو المقدمة العلمية وهي وجوب الاحتياط الّذي يكون مقتضى العلم الإجمالي.
أورد عليه في الكفاية بأنّ الترخيص في بعض الأطراف ينافي العلم بالتكليف الفعلي على كلّ تقدير ومع عدم اجتماع الترخيص في بعض الأطراف مع العلم بالتكليف الفعلي على كلّ تقدير لا يبقى إلّا احتمال التكليف في غير مختار المكلّف لرفع اضطراره وهو منفي بالأصل (٢).
يمكن أن يقال : كما في نهاية الدراية بأنّ الوجه في عدم منع الاضطرار إلى غير المعين عن تنجيز العلم الإجمالي أنّ الاضطرار ليس إلى شرب النجس ولو على سبيل الاحتمال أو احتمال الانطباق عند فعلية الارتكاب لا عند فعلية الاضطرار فهو غير مضطر إلى الحرام قطعا ومتعلّق التكليف بما هو مقدور فعلا وتركا لا أنّ أحدهما المردّد حرام وأحدهما المردّد مضطر إليه ليقال بأنّ نسبة الاضطرار إلى الحرام وغيره على حدّ سواء بل معنى الاضطرار إلى أحدهما أنّه لا يقدر على تركهما معا مع القدرة على فعل كلّ منهما وتركه في نفسه.
وعليه فشرائط تنجز الخطاب الواقعي من العلم به والقدرة على متعلقه موجودة فيؤثر العلم أثره وإنّما المكلّف يعجز عن الموافقة القطعية دون الامتثال بالكلية فيكون معذورا عقلا فيما هو عاجز عنه لا في غيره مع ثبوت مقتضيه (٣).
__________________
(١) فرائد الاصول / ص ٢٥٤ ـ ٢٥٥.
(٢) الكفاية / ج ٢ ، ص ٢١٦.
(٣) نهاية الدراية / ج ٢ ، ص ٢٤٩.