عموم الناس فعل شيء أو تركه من جميع الآحاد ولا مقصد له إلّا ذلك وهو قرينة على أنّ خطابه وإن كان واحدا ولكنّه منحلّ إلى خطابات عديدة بعدد المكلفين على نحو القضايا الحقيقية.
هذا بخلاف الأخبار فإنّه لا يكون قصده منه إلّا الأخبار عن القضية الكلية والعقل وإن حكم فيه أيضا بالتحليل ولكنّ لا يحكم بتعدد الأخبار ولذا لا يكون الكذب فيه إلّا كذبا واحدا.
ودعوى : أنّ الانحلال ممنوع لعدم صحة خطاب العصاة والكفار بالاصول والفروع فإنّ خطاب من لا ينبعث قبيح أو غير ممكن فإنّ الإرادة الجزمية لا تحصل في لوح النفس إلّا بعد حصول مبادي قبلها التي منها احتمال حصول المراد والمفروض القطع بعدم حصوله (١).
مندفعة : بأنّ الداعي في الخطابات إن كان هو الانبعاث أو الانزجار الفعلي كان الأمر كذلك ولكنّ عرفت أنّ الداعي هو جعل ما يمكن أن يكون داعيا ويصلح أن يكون باعثا وهو أمر يجتمع مع العصيان أو الكفر لعدم منافاة بين الامكان الذاتي أو الوقوعي مع الامتناع بالغير فالممتنع بالغير في عين كونه ممتنعا بالغير يكون ممكنا بالامكان الذاتي أو الوقوعي والغرض من خطاب العصاة والكفار هو اتمام الحجة عليهم فلا استحالة ولا قبح في خطاب من لا ينبعث بالكفر أو العصيان.
فتحصّل : أنّ القضايا إذا كانت حقيقية كان مقتضاها هو الانحلال ومع الانحلال لزم أن يكون كلّ فرد من أفرادها مورد الابتلاء وإلّا كان الخطاب بالنسبة إليه مستهجنا كالخطابات الشخصية.
ولا منافاة بين استهجان الخطاب في موارد الخروج عن مورد الابتلاء وصحته في غيره من موارد الابتلاء كما أنّ الأمر كذلك في الخطابات القانونية.
ولا فرق فيما ذكرناه بين أن قلنا بعدم شمول الخطاب اصلا أو بشموله وعدم تنجيزه وإن
__________________
(١) تهذيب الاصول / ج ٢ ، ص ٢٨٢.