كان الأظهر هو الأوّل لعدم فائدة في شمول الخطاب للخارج عن مورد الابتلاء كما لا يشمل من لا قدرة له عقلا ودعوى الشمول وعذرية العجز أو الخروج عن مورد الابتلاء كما ترى.
وربما يقال إنّ جعل القانون على عنوان مطلق أو عام شامل لأيّ خمر كانت مثلا فلا استهجان فيه اصلا وذلك أنّ المطلق أو العام لا تعرض له إلّا لما يحكي عنه عنوان المطلق والعام ولا يتعرض للخصوصيات المكتنفة بالأفراد أصلا فإذا قال «حرمت عليكم الخمر أو كلّ خمر» فإنّما جعل هذا الحكم القانوني على طبيعة الخمر أو افرادها بما أنّها خمر أو مصداق للخمر لا نظر إلى أية خصوصية لا تخلو ـ لا محالة ـ الأفراد عنها فلا يرى الحاكم ولا المقنن خصوصيات الفرد أصلا بل حكمه وقانونه يجري ويتعلّق بالخمر بما أنّها خمر.
وحينئذ فالخمر القريبة من المكلّف الموجودة في بيته خمر فلا محالة أنّها حرام بما أنّها خمر وكذلك الخمر البعيدة عنه كلّ البعد أيضا خمر فهي أيضا حرام لشمول قوله عزوجل «حرّمت عليكم الخمر» لها أيضا وإذا راجعنا وجداننا لا نرى أيّ استهجان في شمول العموم ولا حاجة إلى ايراد تخصيص في الخطابات الفعلية القانونية أصلا هذا (١).
وأنت خبير بأنّ الحكم الفعلي من جميع الجهات بالنسبة إلى ما لا ابتلاء به يكون مستهجنا سواء كان ذلك بالخطاب الشخصي أو بالخطاب القانوني المنحلّ إلى الأفراد ومن جملتها ما لا ابتلاء به ولا فرق في ذلك بين أن تكون الخصوصيات المكتنفة بالأفراد مورد التعرض أو لم يكن إذ طلب ترك ذات فرد لا يكون مورد الابتلاء مستهجن لأنّ ذات الفرد المذكور خارج عن حيطة اختياره ولا فرق فيه بين أن يكون الخصوصيات الفردية مورد نظر الحاكم أو لا يكون فإنّ الملاك هو ذات الفرد فإذا لم يكن مورد الابتلاء استهجن الخطاب كما لا يخفى.
لا يقال : ليس الغرض من الأوامر والنواهي الشرعية مجرد تحقّق الفعل والترك خارجا كما في الأوامر والنواهي العرفية فإنّ غرضهم من الأمر بشيء ليس إلّا تحقّق الفعل خارجا كما أنّ غرضهم من النهي عن شيء لا يكون إلّا انتفاء هذا الشيء خارجا وحينئذ كان الأمر
__________________
(١) تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ٢١١.