الجواز من هذه الناحية مفروغا عنه.
وإنّما وقع في شبهة الحرمة واحتمالها لعلمه بأنّهم يأخذون من الناس أزيد ممّا وجب عليهم ويحتمل أن يكون منطبقا على ما يشتري هو منهم فهو يعلم بوجود الحرام في ما بأيديهم اجمالا إلّا أنّه ليس مورد ابتلائه إلّا خصوص بعض أطراف هذا العلم وهو ما يريد شراءه منهم وحينئذ فتجويز شرائه ولا سيما بقوله لا بأس به حتّى تعرف الحرام بعينه دليل واضح على جريان أصالة الحلية في الطرف الذي يكون محلّ الابتلاء كما هو واضح (١).
ومنها : صحيحة معاوية ابن وهب قال قلت لأبي عبد الله عليهالسلام أشتري من العامل الشيء وأنا أعلم أنّه يظلم؟ فقال اشتر منه (٢).
والتقريب فيه كالتقريب السابق.
ومنها موثقة إسحاق بن عمار قال سألته عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم قال يشتري منه ما لم يعلم أنّه ظلم فيه أحدا (٣) ، لا يقال إنّ مقتضى قوله ما لم يعلم أنّه ظلم هو لزوم الاجتناب عن مورد العلم الإجمالي لأنّا نقول إنّ قوله المذكور يدلّ على جواز اشتراء الشيء ما لم يعلم أنّ المشترى ظلم فيه وفي المقام يكون كذلك لأنّ الشيء الذي أخذه المشتري لا يعلم بأنّه ظلم فيه.
ومنها : صحيحة أبي بصير قال سألت أحدهما عليهماالسلام عن شراء الخيانة والسرقة قال لا إلّا أن يكون قد اختلط معه غيره فأمّا السرقة بعينها فلا إلّا أن يكون من متاع السلطان فلا بأس بذلك (٤) وقد حمل قوله «إلّا أن يكون من متاع السلطان» على حاصل الأرض المفتوحة عنوة أو على مال الإمام كالأنفال ممّا فيه رخصة للشيعة فيها وكيف كان يكفي قوله «إلّا أن يكون قد اختلط معه غيره» للدلالة على جواز الشراء في أطراف المعلوم بالإجمال
__________________
(١) تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ٢١٣.
(٢) الوسائل / الباب ٥٢ من أبواب ما يكتسب ، ح ٤.
(٣) الوسائل / الباب ٥٣ من أبواب ما يكتسب به ، ح ٢.
(٤) الوسائل / الباب ١ من أبواب عقد البيع ، ح ٤.