فيما إذا لم يكن بعض الأطراف محلّ الابتلاء ثمّ إنّ المستفاد من هذه الأخبار هو الترخيص مع عدم الابتلاء بالتصرف بحسب طبعه بالنسبة إلى بقية الأفراد من أطراف العلم الإجمالي وإن كانت في معرض شرائه في الآتي وعليه فليس الخارج عن محلّ الابتلاء في مثل هذه الروايات مختصا بما إذا كان في بلاد بعيدة بحيث لا يصل اليد إليها أصلا فتدلّ هذه الروايات على توسعة ما في معنى الخروج عن محلّ الابتلاء كما لا يخفى (١). ويعتضد ذلك بصحيحة على بن جعفر عن أخيه عليهالسلام فيمن رعف فامتخط فصار الدم قطعا صغارا فأصاب إنائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس وإن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه (٢) حيث جعل فيه كون الماء وظاهر الإناء من قبيل الخروج عن محلّ الابتلاء وعدم تنجز التكليف فتدبّر جيدا.
ثمّ إنّ الخروج عن محلّ الابتلاء يوجب عدم تأثير العلم الإجمالي فيما إذا كان حدوث العلم الإجمالي متأخرا عن خروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء أو مقارنا معه إذ معهما لا يحصل العلم بالتكليف المنجز كما لا يخفى.
وأمّا إذا علم بخروج بعض الأطراف عن محلّ الابتلاء بعد العلم بالتكليف فلا أثر للخروج المذكور إذ الشك حينئذ في السقوط بعد ثبوت التكليف والاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني ويؤيده ما ورد من اراقة الماء في المشتبهين والتيمم إذ لو كان فقدان أحدهما يكفي في سقوط التكليف لامر به مع أنّه لم يأمر بذلك بل أمر باراقتهما معها فتدبّر جيدا.
نعم لو كان العلم بالخروج علما بالخروج من أوّل الأمر بحيث يشك في التكليف من أوّل الأمر كتبدل العلم التفصيلي بالشك الساري فلا موجب للاحتياط ولا فرق في ذلك بين أن يكون زوال العلم بالتكليف بالعلم الوجداني على الخروج أو بقيام الإمارة على الخروج من أوّل الأمر لوحدة الملاك.
__________________
(١) راجع تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ٢١٣.
(٢) الوسائل / الباب ٨ من أبواب الماء المطلق.