العلم التفصيلى فإنّه لو علمنا بأنّ الماء الذي اغتسلنا به للجنابة قبل اسبوع مثلا كان نجسا يجب ترتيب آثار نجاسة الماء المذكور من حين نجاسته لا من حين العلم بها فيجب الاتيان بقضاء الصلوات التي اتى بها مع هذا الغسل ففي المقام أيضا لا مناص من ترتيب آثار التكليف من حين حدوثه لا من حين انكشافه وعليه فبعد طروّ الاضطرار نشك في سقوط هذا التكليف الثابت قبل الاضطرار لأجل الاضطرار لأنّه لو كان في الطرف المضطر اليه فقد سقط بالاضطرار ولو كان في الطرف الآخر كان باقيا لا محاله فيرجع إلى استصحاب بقاء التكليف أو قاعدة الاشتغال ولا مجال للرجوع إلى أصالة البراءة في الطرف غير المضطر إليه.
ويمكن الجواب عنه بأنّ البحث يكون في الحكم التكليفى لا الوضعى والعلم بعد حدوث الاضطرار بالتكليف لا يوجب فعليّة التكليف لا قبل حدوث الاضطرار لأنّ المفروض أنّ المكلّف في تلك الحال إمّا قاطع بعدم التكليف أو شاك في التكليف ومع القطع بالعدم لا معنى لفعلية التكليف في تلك الحال ومع الشك كان مورد جريان البراءة لعدم علمه بالتكليف في تلك الحال ولا بعد حدوث الاضطرار إلى المعين فإنّه مع العلم بأنّ الطرف المضطر إليه كان محكوما بالتكليف لا يبقى التكليف المذكور فعليّا بالنسبة إليه لأنّه حال العلم مضطر اليه فمع عدم العلم بالتكليف الفعلي في الطرف الذي حدث الاضطرار فيه لا قبل الاضطرار ولا بعده فلا مانع من جريان البراءة في الطرف الآخر لاحتمال التكليف في هذا الطرف ولا مجال للاستصحاب أو قاعدة الاشتغال إذ لا علم بالحكم الفعلي لا قبل الاضطرار ولا بعده حتّى يستصحب أو يجرى فيه قاعدة الاشتغال هذا بخلاف ما إذا كان الاضطرار بعد العلم بالتكليف فإنّ التكليف فيه معلوم الحدوث ومشكوك الارتفاع فيجوز الحكم فيه ببقاء الحكم للاستصحاب أو لقاعدة الاشتغال ثم لا يذهب عليك أنّ الصور المذكورة في الاضطرار تجرى في فقدان المعين من الأطراف أو خروجه عن محلّ الابتلاء أو الاكراه عليه وذلك لشمول ما ذكر في صور الاضطرار إلى المعين لصور هذه الموارد أيضا حرفا بحرف فلا