الملاك المذكور في الشبهة الوجوبيّة أيضا فلا يكون العلم الإجمالي فيها أيضا منجّزا إلّا فيما إذا كان جميع الأطراف محلا للابتلاء من حيث الترك لأنّ التكليف الوجوبى لا يصح إلّا فيما إذا كان للمكلف داع إلى تركه عادة فيكلف بفعله إذ لو كان الشيء ممّا يفعله المكلّف بطبعه ولا داعي له إلى تركه كان جعل التكليف الوجوبى بالنسبة إليه لغوا محضا.
وبعبارة اخرى كما أنّ النهي عن شيء متروك في نفسه حسب العادة لغو مستهجن كذلك البعث نحو شيء حاصل بنفسه لغو مستهجن فيعتبر في تنجيز العلم الإجمالي عدم كون بعض الأطراف خارجا عن محلّ الابتلاء عادة في المقامين نعم ربما يقع الخطاب للأهمية أو احتمال صيرورة المورد محلا للابتلاء وهو أيضا لا فرق فيه بين المحرمات والواجبات.
بقى هنا حكم الشك في الخروج عن محلّ الابتلاء وعدمه ذهب الشيخ الأعظم هنا إلى وجوب الاحتياط حيث إنّ المطلق الناهي المقيّد بقيد مشكوك التحقق في بعض الموارد لتعذر ضبط مفهومه يتمسك به ويجب الاجتناب عن المشكوك إلّا ما علم عدم تنجز التكليف بأحد المشتبهين على تقدير العلم بكونه الحرام أو يكتفى بصحيحة على بن جعفر الدالة على عدم وجوب الاحتياط فيما إذا رعف أحد فامتخط فصار الدم قطعا صغارا فاصاب إنائه لأنّ الماء وظاهر الإناء من قبيل عدم تنجّز التكليف فيكون ذلك ضابطا في الابتلاء وعدمه ومع هذه الضابطة يرتفع الشك في كثير من الموارد ولا يكون الاحتياط فيه واجبا.
أورد عليه في الكفاية بأنّ عند الشك في الخروج عن محلّ الابتلاء وعدمه يرجع إلى البراءة لأنّ الشك المذكور يرجع إلى الشك في حسن الخطاب وعدمه ومعه لا علم بالاطلاق حتّى يرجع إليه فالحكم بالبراءة لا يخلو من وجه ودعوى كفاية احراز الملاك وتماميته في وجوب الاحتياط مندفعة بأنّ الملاك في المقام حاصل بنفسه إذ المقصود من النهي عن اجتناب النجس هو ترك شربه وهو حاصل عند عدم الابتلاء ولا يقاس المقام بمورد الشك في القدرة العقلية فلأن الملاك لا يحصل فيه إلّا بالاحتياط.