ذلك يجب على المكلّف احراز حصوله والاتيان بما يكون محصلا له يقينا لأنّ المكلّف به وهو الغرض معلوم والشك في محصله ولا إشكال في هذه الصورة في وجوب الاحتياط وإن كان الغرض المذكور مردّدا بين الأقل والأكثر فلا يجب إلّا الأقل لأنّ الأكثر ممّا لم تقم عليه الحجة من قبل المولى فيجرى فيه قاعدة قبح العقاب بلا بيان كما تجري في أصل التكليف بالزائد.
وأمّا إن كان التكليف متعلقا بالفعل المأمور به فلا يجب على العبد إلّا الاتيان بما أمر به المولى (أي بما علم أنّه ما أمر به المولى) وأمّا كون المأمور به وافيا بغرض المولى فهو من وظائف المولى فعليه أن يأمر العبد بما يفي بغرضه فلو فرض عدم تمامية البيان من قبل المولى لا يكون تفويت الغرض مستندا إلى العبد فلا يكون العبد مستحقا للعقاب (١).
وممّا ذكر يظهر ما في الكفاية حيث قال إنّ الغرض الداعي إلى الأمر لا يكاد يحرز إلّا بالأكثر بناء على ما ذهب إليه المشهور من العدلية من تبعية الأوامر والنواهي للمصالح والمفاسد في المأمور بها والمنهي عنها (٢).
وذلك لما عرفت من أنّ مراعاة الغرض الداعي ممّا يلزم على المولى لا على العبد وعلى فرض التكليف بالأغراض لا يجب مراعاته إلّا بمقدار معلوم ويجري في الزائد عليه البراءة العقلية كأصل التكليف بالزائد.
ومنها : أنّ ما ذكر في وجوب الاحتياط في المتباينين بعينه موجود هنا وهو أنّ المقتضى وهو تعلّق الوجوب الواقعي بالأمر الواقعي المردّد بين الأقل والأكثر موجود والجهل التفصيلي به لا يصلح مانعا لا عن المأمور به ولا عن توجه الأمر كما تقدم في المتباينين حرفا بحرف.
ويمكن الجواب عنه بأنّ الفرق هو الانحلال في المقام بخلاف المتباينين وذلك لأنّ التكليف في ناحية الأقل معلوم وإنّما الشك في جزئية الزائد فينحلّ المعلوم بالإجمال إلى المعلوم
__________________
(١) راجع مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٤٣٧ ـ ٤٣٨.
(٢) الكفاية / ج ٢ ، ص ٢٣٢.