تعلّق العلم التفصيلي ببعض الأطراف بل ملاكه عدم البيان على سائر الأطراف بحيث لو فرض وجود البيان عليها لم نقل بالانحلال فالمدار على عدم البيان المستند إلى عدم بقاء العلم لا على تعلّق العلم التفصيلي ببعض الأطراف (١).
لا يقال : إنّ الاطلاق عبارة عن لحاظ عدم القيد وعليه فالمتعلق بناء على وجوب الأقل غير المتعلّق بناء على وجوب الأكثر ومباين معه وعليه فدعوى العينية كما ترى.
لأنّا نقول : بعد تسليم كون الاطلاق عبارة عن لحاظ عدم القيد لا عدم اللحاظ كما هو الصحيح إنّ الإطلاق كما في مباحث الحجج لا يدخل في العهدة لأنّه يقوّم الصورة الذهنية وليس له محكي ومرئي ليراد ايجابه زائدا على ذات الطبيعة ولو قلنا إنّ الاطلاق لحاظ عدم القيد بخلاف التقييد لأنّ المولى لا يريد من المكلّف ايجاد الصورة الذهنية بل يريد ايجاد محكيها الخارجي.
وعليه فبلحاظ عالم المعروض الذهني للوجوب وإن كان الواجب دائرا بين متباينين إلّا أنّه بلحاظ ما يتسجل في العهدة عقلا وهو المحكي الخارجي دائر بين الأقل والأكثر (٢).
وممّا ذكره الشهيد الصدر قدسسره في الاطلاق يظهر الجواب عما يقال من أنّ الوجوب ارتباطي والارتباطية تساوق الوحدة والوحدة تساوق التباين مع الكثرة إذ لا يتعقل أقل وأكثر حقيقة إلّا مع فرض الكثرة فيكون العلم الإجمالي في المقام بحسب الحقيقة علما اجماليا بين متباينين.
وذلك لما في مباحث الحجج من أنّ الوحدة الذهنية الاصطناعية للصور الذهنية لا تدخل في العهدة بل محكيها ومعنونها وما تقتضيه من الضيق يدخل في العهدة وفي هذه المرحلة الأمر دائر بين الأقل والأكثر (٣).
فتحصّل أنّ الانحلال حقيقي لكون ذات الأقل معلوم الوجوب بالتفصيل لا من ناحية
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٣٧٦.
(٢) مباحث الحجج / ج ٢ ، ص ٣٣٤.
(٣) المصدر السابق.