هذا كلّه إن جعلنا المرفوع والموضوع في الروايات خصوص المؤاخذة وأمّا لو عمّمناه لمطلق الآثار الشرعية المترتبة على الشيء المجهول كانت الدلالة أوضح لكن سيأتي ما في ذلك (١).
ولا يخفى عليك صحة ما أفاده الشيخ من جريان البراءة الشرعية بعد تقريب جريان البراءة العقلية بعدم العلم إلّا بالتكليف بالأقل والشك في تعلقه بالأكثر نعم الوجوب المرفوع أو المحجوب في الزائد على الأقل ليس وجوبا غيريا أو ضمنيا بعد ما مرّ مفصلا من عينية المركب مع أجزائه فلا وجه لجعل الوجوب المشكوك في الأكثر وجوبا غيريا كما يظهر من صدر كلام الشيخ بل الصحيح كما مر هو عينية المركب مع أجزائه وكون الوجوب في المشكوك وجوبا نفسيا كما أشار إليه في ذيل كلامه بقوله هذا مع امكان دعوى الخ وإن أمر بالتفهم بقوله فافهم وممّا ذكر يظهر أنّ العقاب على الجزء المشكوك عقاب من جهة نفسه لا من جهة كونه منشأ لترك الواجب النفسي.
ثمّ لا فرق في جريان البراءة الشرعية بين أن يكون المرفوع أو المحجوب هو الوجوب أو العقاب والمؤاخذة أو مطلق الآثار وذلك لصدق الرفع والحجب على كلّ تقدير كما لا يخفى.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ صاحب الكفاية حيث أنكر جريان البراءة العقلية بتوهم عدم الانحلال لا يتمكن من جريان البراءة الشرعية بالنسبة إلى وجوب الأكثر أيضا لأنّ رفع وجوب الأكثر حينئذ معارض عنده مع رفع وجوب الأقل ولذا ذهب إلى جريان البراءة في جزئية المشكوك بدعوى عدم المعارضة بين جريانها في الأكثر وبين جريانها في الأقل للعلم بالجزئية في الأقل ومع العلم لا مجال للبراءة وبذلك فكّك بين البراءة العقلية والبراءة الشرعية.
أورد عليه في مصباح الاصول بأنّ التحقيق عدم صحة التفكيك بين البراءة العقلية والشرعية وأنّه على تقدير عدم جريان البراءة العقلية كما هو المفروض في كلامه لا مجال
__________________
(١) راجع فرائد الاصول / ص ٢٧٦.