البدوية فإنّ أدلة البراءة (الشرعية) لو كانت تؤمن من ناحية التكليف فقط دون الغرض فاحتمال الغرض في موارد الشبهة البدوية لا مؤمن عنه سوى البراءة العقلية على القول بها وهذا معناه أنّ البراءة الشرعية في الشبهات البدوية بحاجة إلى ضم البراءة العقلية دائما فيلزم لغويتها إلى أن قال وثانيا بالحلّ وهو أنّ التكاليف تنجيزا أو تعذيرا إنّما تلحظ بمعناها الحرفي وبما هي حافظة لما ورائها من المبادي والأغراض إذ بقطع النظر عن ذلك لا تكون إلّا اعتبارات جوفاء لا معنى للتنجيز أو التعذير عنها فالبراءة الشرعية الجارية عن التكليف المشكوك تؤمن بالدلالة العرفية المطابقية عن روح التكليف وجوهره وهو الغرض من ورائه انتهى موضع الحاجة (١).
واجيب عن الوجه الثاني المذكور في مصباح الاصول بما في تهذيب الاصول من أنّ الأجزاء كلها في رتبة واحدة وليس بعضها جزءا وبعضها شرطا لبعض بل الأمر دائر بين تعلّق التكليف بالأقل أي المركب المنحل إليه أو الأكثر (٢).
ولعلّ إليه يؤول ما في تسديد الاصول من أنّه لو تعلّق الأمر بالأكثر لكان مشكوك الجزئية في عرض سائر الأجزاء من مقومات المركب ويتعلّق الأمر بمجموع الأجزاء الذي هو عبارة أخرى عن المركب لا أنّ الأمر يتعلّق بالأقل ويكون المشكوك الجزئية قيدا له حتّى يكون من باب المطلق والمقيّد (٣) وعليه فاثبات وجوب الأقل لا يحتاج إلى اثبات الاطلاق بأصالة عدم التقييد بل وجوب الأقل بناء على الانحلال كما عرفت مقطوع وإنّما الشك في الزائد فيمكن رفعه بأصالة عدم وجوب المشكوك جزءا نعم بناء على عدم الانحلال كما ذهب إليه صاحب الكفاية لا يجري أصالة عدم وجوب الأكثر لمعارضتها مع أصالة عدم وجوب الأقل ولكنّ تجري أصالة عدم الجزئية وممّا ذكرناه ينقدح أنّه لا وقع للايراد على صاحب الكفاية في اختياره جريان البراءة الشرعية بالنسبة إلى جزئية
__________________
(١) مباحث الحجج / ج ٢ ، ص ٣٤٥.
(٢) تهذيب الاصول / ج ٢ ، ص ٣٢٩.
(٣) تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ٢٢٩.