ودعوى : أنّ التحقيق هو التفصيل بين أن يكون العنوان البسيط الذي هو المأمور به ذا مراتب متفاوته متدرج الحصول والتحقق من قبل أجزاء علته ومحققه بأن يكون كل جزء من أجزاء سببه مؤثّرا في تحقق مرتبة منه إلى أن يتم المركب فيتحقق تلك المرتبة الخاصة التي هي منشأ الآثار نظير مرتبة خاصة من النور الحاصلة من عدة شموع والظاهر أنّه من هذا القبيل باب الطهارة كما يكشف عنه ظاهر بعض النصوص الواردة في باب غسل الجنابة من نحو قوله عليهالسلام تحت كل شعرة جنابة فبلّوا الشعر وأنقوا البشرة وقوله عليهالسلام في الصحيح فما جرى عليه الماء فقد طهر وقوله عليهالسلام في الصحيح الآخر وكل شيء أمسسته الماء فقد انقيته (ويعضده) استدلال جمع منهم على ناقضية الأصغر الواقع في اثناء الغسل بأنّ الحدث الاصغر ناقض للطهارة بكمالها فلأبعاضها أولى.
وبين ما لا يكون كذلك بأن كان العنوان البسيط غير مختلف المراتب (دفعي الحصول والتحقق عند تمامية محققه).
فعلى الأوّل لا قصور في جريان أدلّة البراءة عند الشك في المحقّق ودورانه بين الأقل والأكثر فإنّ مرجع الشك في دخل الزائد في المحقّق حينئذ بعد فرض ازدياد سعة الأمر البسيط بازدياد أجزاء محققه إلى الشك في سعة ذلك الأمر البسيط وضيقه فينتهي الأمر في مثله إلى الأقل والأكثر في نفس الأمر البسيط فتجري فيه البراءة عقليها ونقليها من غير فرق بين كون المحصل له من الأسباب العقلية والعادية أو الأسباب الشرعية كباب الطهارة الحديثة بل الخبيثة أيضا.
وأمّا على الثاني وهو فرض كون البسيط دفعي الحصول والتحقق عند تحقق الجزء الأخير من علته فلا محيص عند الشك في دخل شيء في محققه من الاحتياط لأنّ التكليف قد تنجز بمفهوم مبين معلوم بالتفصيل بلا ابهام فيه والشك إنّما كان في تحققه وحصول الفراغ منه بدونه والعقل يستقل في مثله بوجوب الاحتياط تحصيلا للجزم بالفراغ عما ثبت الاشتغال