ولو بالاستصحاب بناء على حرمة الصلاة على الحائض ذاتا بمعنى أن يكون نفس الصلاة حراما عليها ولو أتت بها من دون قصد القربة.
ففي هذه الصورة وإن لم تمكن الموافقة القطعية لدوران الأمر بين المحذورين إلّا أنّ المخالفة القطعية ممكنة فإنّه إذا جاءت بالصلاة بدون قصد القربة قطعت بالمخالفة القطعية إما من جهة ترك الواجب لو كانت الصلاة واجبة عليها وإما من جهة الاتيان بالحرام لو كانت الصلاة محرمة عليها ذاتا كما لا يخفى.
ومع تمكنها من المخالفة القطعية فلا مانع من تنجيز العلم الإجمالي بالنسبة إليها وعليه فتحرم عليها المخالفة القطعية ولا يجوز أن تأتى بالصلاة بدون قصد القربة ومع تنجيز العلم الإجمالي فلا مجال للرجوع إلى البراءة الشرعية أو العقلية لأنّ الاصول في أطراف العلم الإجمالي متعارضة إن لم نقل بأنّها غير جارية فيحكم العقل حينئذ بالتخيير بين الاتيان بالصلاة برجاء المطلوبية والقربة وبين تركها رأسا ولكنّ لا يجوز لها أن يترك كلا الأمرين رأسا باتيان الصلاة من دون قصد القربة لأنّه مخالفة قطعية ينافيها تنجيز العلم الإجمالي.
قال في مصباح الاصول إنّ الاصول في أطراف العلم الإجمالي في مواردها متعارضة متساقطة ويترتب على ذلك تنجيز العلم الإجمالي من حيث حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية أو من إحدى الجهتين دون الأخرى وبعبارة أخرى إذا تساقطت الاصول في أطراف العلم الإجمالي فالحكم المعلوم بالإجمال يتنجز بالمقدار الممكن فإن أمكن المخالفة القطعية والموافقة القطعية فالتنجيز ثابت من الجهتين وإلّا فمن إحداهما وحيث إنّ المخالفة القطعية فيما هو محلّ الكلام فعلا ممكنة كان العلم الإجمالي منجّزا بالنسبة إليها فحرمت المخالفة القطعية بأن تأتي بالصلاة بدون قصد القربة وحيث إنّ الموافقة القطعية غير ممكنة فلا محالة يحكم العقل بالتخيير بين الاتيان برجاء المطلوبية وبين تركها رأسا (١).
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٣٣٥.