التصديق ممّا يناسب أن يجمع المولوية والارشادية في مورد فلا محذور ولا موجب لتخصيص الخطاب موضوعا إذ لا يلزم من ذلك استعماله في معنيين لما ذكرناه من أنّ هذه الخصوصية ليست مدلولا لفظيا بنحو الاستعمال. (١)
ودعوى أنّ الظاهر من هذا الحديث أنّه ورد موعظة وإرشادا إلى عدم سقوط بعض مراتب الطلب بتعذّر بعضها الآخر وهذا ممّا يستقل به العقل والحديث ارشاد إليه مندفعة بأنّ الظاهر ممّا لا يدرك كله هو عدم إدراك نفس الشيء لا مراتب طلبه وعليه فالحكم بوجوب غير المتعذّر من الكلّ حكم شرعي وليس بارشادي.
فتحصّل : أنّه لا إشكال في التمسك بالأحاديث المذكورة لوجوب غير المتعذّر من الأجزاء فكل مورد لم يقم دليل على خروجه عن مفاد تلك الأحاديث أمكن التمسك بها فيه ولا يحتاج إلى تمسك الأصحاب فيه بالخصوص بعد عموميتها أو إطلاقها في نفسها نعم إنّما الإشكال في جبران ضعفها بعمل الأصحاب فإنّ الثابت هو الشهرة بين المتأخّرين دون المتقدّمين والجابر هو شهرة المتقدّمين لا شهرة المتأخرين فتأمّل جيّدا.
جريان قاعدة الميسور مع تعذّر الشرط :
لا يخفى عليك أنّ الملاك في جريان قاعدة الميسور في الجزء غير المتعذّر وهو صدق الميسور عرفا على الباقي موجود بعينه مع تعذّر بعض الشروط لصدق الميسور عرفا على غير المتعذر فيه أيضا كصدقه على غير المتعذّر مع تعذّر الجزء وإن كان فاقد الشرط مباينا للواجد عقلا ومقتضى وجود الملاك المذكور عند تعذّر بعض الشروط كتعذّر الجزء هو جريان قاعدة الميسور في المشروط كالمركب حرفا بحرف نعم لو كان فاقد الشرط مباينا للواجد عرفا بحيث لا يصدق عليه الميسور لكون الشرط من المقومات فلا تجري فيه قاعدة الميسور كما هو واضح ولذلك حكى عن المحقّق الخراساني قدسسره أنّه قال في حاشيته أنّ الظاهر
__________________
(١) مباحث الحجج / ج ٢ ، ص ٣٨٥.