لا يخفى ما فيه فانّا بعد التفحص التام عن كلمات بعض المتقدمين وعن الكتب المعدة لذكر المنصوصات لم نجد منهم قولا بذلك بل إنّما يظهر منهم وجوب أصل قصد القربة وهذا دليل قوي على عدم ورود الدليل شرعا إلّا على وجوب هذا القصد فقط فيقوى في النظر أنّ ذهاب بعض المتأخّرين إلى وجوبه ليس إلّا لزعمه دخله في تحقق قصد القربة وعليك بالرجوع إلى كلمات المتقدمين من الأصحاب تجد صدق ما ادّعيناه فإنّ مذهب الشيخ في النهاية بل ظاهر المبسوط وكذا المفيد في المقنعة والسيد المرتضى على ما حكي عنه وكذا غيرهم من متقدميهم أو المتاخرين عدم وجوبه حيث اقتصروا في النيّة على وجوب قصد الأمر من دون التعرض لقصد الوجه.
ومن ذلك تعرف ما في كلام أهل الكلام نسبة هذا القول إلى مذهب الإمامية ولا يبعد دعوى القطع بأنّ وجه هذه النسبة مع خلوّ كلمات أكثر الفقهاء عن ذكر قصد الوجه إنّما هو اتفاق الإمامية بل كل المسلمين ظاهرا على وجوب قصد القربة في العبادات فيتخيل أهل الكلام أنّ اللازم من هذا الاتفاق اتفاقهم على وجوب قصد الوجه أيضا لزعمهم عدم حصول قصد القربة إلّا به وعلى أي حال فهذا الإجماع ممّا لا أصل له مضافا إلى أنّه إجماع منقول ومضافا إلى احتمال أن يكون مدركه بعض ما أشرنا إليه.
وأمّا ما نسب إلى السيد الرضي والسيد المرتضى قدسسرهما من دعوى أحدهما الاجماع على بطلان صلاة من صلى صلاة لا يعلم أحكامها وتقرير الآخر له في ذلك فلا بأس بذكره لتعلم أنّه أجنبي عن المقام.
فنقول قال في المختلف في مسالة من أتمّ في السفر ما هذا لفظه وأمّا السيد المرتضى فإنّه قال في الانتصار إذا تعمّد أعاد على كل حال وإن نسي أعاد في الوقت دون خارجه ولم يذكر حال الجاهل بل قال في المسائل الرسية حيث قال له السائل ما الوجه فيما يفتي به الطائفة من سقوط فرض القضاء عمّن صلّى من المقصّرين صلاة يتم (ونقل صلاة المتمم) بعد خروج الوقت إذا كان جاهلا بالحكم في ذلك مع علمنا بأنّ الجهل بأعداد الركعات لا يصح مع العلم