أورد عليه سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره بأنّ مقتضى هذا الدليل جواز الرجوع إلى البراءة قبل الفحص بعد ما لو ظفر بمقدار المعلوم بالإجمال من الأحكام وعدم جواز الرجوع إليها بعد الفحص بعد أيضا ما لم يظفر بهذا المقدار وذلك لأنّ المانع من اجراء البراءة بمقتضى هذا الدليل ليس عدم الفحص بل هو العلم الإجمالي فما لم يظفر على المقدار المعلوم بالاجمال لا يصح له الرجوع إلى البراءة ولو بعد الفحص لمنع العلم الإجمالي منه وإذا ظفر عليه يصح له ذلك ولو قبل الفحص والظاهر عدم التزامهم بذلك في شيء من الموردين والحاصل أنّ هذا الدليل أخص من المدعى من جهة وأعم منه من جهة أخرى فإنّ المبحوث عنه في المقام أنّه هل يجب الفحص في الشبهات بمقدار الممكن أو لا يجب بل يصح الرجوع إلى البراءة بمجرد حصول الشك وهذا الدليل إنّما يوجب عدم جواز الرجوع إلى البراءة ما دام العلم باقيا سواء فحص عن الدليل أو لم يفحص كما يوجب جواز الرجوع اليها لو انحل ولو لم يفحص. (١)
هذا مضافا إلى ما في الكفاية من أنّ محل الكلام في البراءة فيما لم يكن هناك علم موجب للتنجز إمّا لانحلال العلم الإجمالي بالظفر بالمقدار المعلوم بالاجمال أو لعدم الابتلاء إلّا بما لا يكون بينها علم بالتكليف من موارد الشبهات ولو لعدم الالتفات إليها. (٢)
ودعوى : أنّ المعلوم بالاجمال ذو علامة وتميز فالعلم الإجمالي المتعلق به غير قابل للانحلال بالظفر بالمقدار المعلوم بالاجمال لأنّ الواقع قد تنجز حينئذ بما له من العلامة والتميّز فكيف يعقل ما أفاده السيد الاستاذ من انحلاله قبل الفحص بالظفر بالمقدار المعلوم بالاجمال فإنّه إذا علم اجمالا بدين مردّد بين الأقل والأكثر مع العلم بكونه مضبوطا في الدفتر فهل يتوهم أحد جواز الرجوع إلى البراءة في المقدار الزائد على المتيقن قبل الفحص عما في الدفتر؟ والمقام كذلك فإنّ التكاليف المعلومة بالاجمال مضبوطة في الكتب المعتبرة عند الشيعة وعليه فالظفر بالمقدار المعلوم قبل الفحص لا يوجب انحلال العلم الإجمالي ليصح
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) الكفاية / ج ٢ ، ص ٢٥٦.