اختصاصه بالناسي وشموله للجاهل أيضا كما هو الصحيح ولذا نحكم بصحة عمل الجاهل القاصر خلافا للمحقق النائيني قدسسره فإنّه أصرّ على اختصاصه بالناسي وهو لا يشمل الجاهل المقصّر لعدم اتيانه بوظيفته العبودية من التعلّم والتفحص وبالجملة الجاهل المقصّر بمنزلة العامد فلا يشمله حديث لا تعاد وأمثاله وإما أن يكون المقتضي للصحة الأدلة العامة التي أقاموها على دلالة الأوامر الظاهرية للاجزاء بلا فرق بين الصلاة وغيرها وعمدتها الإجماع على عدم وجوب الاعادة والقضاء بعد امتثال الأوامر الظاهرية ولو انكشف خلافها ولا يكون المقام داخلا في معقد الاجماع يقينا لأنّ الإجماع على الاجزاء وعدم وجوب الاعادة والقضاء إنّما هو فيما إذا كان العامل عمله مستندا إلى الأمر الظاهري وأمّا إذا لم يستند اليه كما في المقام فلا إجماع على صحته. (١)
ويمكن أن يقال : يكفي في الاجزاء مطابقة المأتي به مع الحجة والمفروض أنّها متحققة إذ فتوى من كان يجب الرجوع إليه حين العمل حجة له ولا دخالة للاستناد في حجيتها كما لا دخالة له في سائر الأمارات كالخبر ومعنى حجيتها أنّ العمل بما يطابقها يوجب العذر وسقوط الأمر الواقعي عن التنجيز والمفروض أنّه عمل بما يطابقها فمع العمل والإتيان بالموافق كان معذورا وسقط الأمر الواقعي ومع سقوط الأمر الواقعي لا مجال لوجوب الاعادة أو القضاء إذ لا أمر حتى يجب الاعادة ودعوى أنّ معنى الحجية هي التي استند اليها في العمل لا التي عمل بها موافقا لها من دون استناد مندفعة بأنّ مقتضى أدلّة حجية الأمارات هو جعلها منجزة في صورة الاصابة ومعذرة في صورة المخالفة ومعنى المعذرة هو رفع اليد عن عقوبة الواقع ومقتضى اطلاق أدلّة اعتبار الأمارات هو عدم مدخلية الاستناد في كون رأى المجتهد من الأمارات كما لا يخفى.
اللهمّ إلّا أن يقال : هذا صحيح إن قلنا بالاجزاء مطلقا وأمّا إذا لم نقل بذلك وإنّما قلنا به في صورة اختلاف الفتوى باعتبار السيرة والاجماع فالقدر المتيقن منهما هو صورة الاستناد
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٥٠٤ ـ ٥٠٥.