تقصيريا فيقال كيف يعقل الحكم بالصحة مع الحكم باستحقاق العقاب على ترك الواجب فيما إذا قصّر في الفحص والتعلّم.
وقد أجيب عنه بوجوه منها ما ذكره في الكفاية من أنّه يمكن أن يكون المأتي به حال الجهل مشتملا على مصلحة ملزمة وأن يكون الواجب الواقعي مشتملا على تلك المصلحة وزيادة لا يمكن تداركها عند استيفاء المصلحة التي كانت في العمل المأتي به جهلا لتضادّ المصلحتين فالحكم بالصحة إنّما هو لاشتمال المأتي به على المصلحة الملزمة والحكم باستحقاق العقاب إنّما هو لأجل فوات المصلحة الزائدة بسبب تقصيره في ترك الفحص والتعلم فلا منافاة بينهما.
أورد عليه في مصباح الاصول أوّلا بأنّ التضاد إنّما هو بين الافعال وأمّا التضادّ بين الملاكات مع امكان الجمع بين الأفعال فهو أمر موهوم يكاد يلحق بانياب الأغوال وثانيا بأنّ المصلحتين إن كانتا ارتباطيتين فلا وجه للحكم بصحة المأتي به مع فرض عدم حصول المصلحة الأخرى وإن كانتا استقلاليتين لزم تعدد الواجب وتعدد العقاب عند ترك الصلاة رأسا وهو خلاف الضرورة. (١)
ويمكن الجواب أمّا عن الأوّل فبأنّ انكار التضاد بين الملاكات ليس في محله لما أفاده الشهيد الصدر قدسسره من أنّه قد يكون هناك طعامان مشتركان في مصلحة الشبع إلّا أنّ أحدهما مشتمل على لذة تفوق لذة الطعام الآخر ولو شبع الشخص بالطعام الآخر وغير اللذيذ لم يلتذ عندئذ بأكل الطعام اللذيذ بذلك المستوى من الالتذاذ الفائق.
هذا مضافا إلى إمكان فرض التضادّ بين (الأفعال و) المحصلات للملاكات بكسر الصاد بأنّ نقول إنّ الواجب المحصل بالكسر للملاك ليس هو مطلق القصر بل القصر المقيّد بعدم مسبوقيته بالتمام وهذا يضادّ التمام المأتي به سابقا والقول بأنّه كيف يعقل تقييد صلاة القصر الواجب بعدم مسبوقيته بالتمام يشبه القول بأنّه كيف يعقل تقييد صلاة العصر الواجب
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٥٠٧.