ولذا قال في مصباح الاصول في دوران الأمر بين الجزئية والمانعية : إذا دار الأمر بين القصر والاتمام عند ضيق الوقت فالتخيير بين الأمرين في الوقت وان كان ممّا لا مناص منه إلّا أنّه قد يتوهم عدم سقوط العلم الإجمالي عن التنجيز بالنسبة إلى وجوب الاتيان بالمحتمل الآخر في خارج الوقت فلا يجوز الاقتصار باتيان أحد المحتملين في الوقت بل يجب عليه الاحتياط والاتيان بالمحتمل الآخر في خارج الوقت ولكنّ التحقيق عدم وجوب الاتيان بالقضاء في خارج الوقت إذ القضاء بفرض جديد وتابع لصدق فوت الفريضة في الوقت ولم يحرز الفوت في المقام لأنّ احرازه يتوقف على احراز فعلية التكليف الواقعي في الوقت بالعلم الوجداني أو الأمارة أو الأصل وكلّ ذلك غير موجود في المقام فانّ غاية ما في المقام هو العلم الإجمالي باحد الأمرين إلى أن قال وهو لا يكون منجّزا إلّا بالنسبة إلى وجوب الموافقة الاحتمالية ووجوب الأخذ باحد المحتملين في الوقت دون المحتمل الآخر لعدم امكان الموافقة القطعية فإذا لم يحرز التكليف بالنسبة إلى المحتمل الآخر في الوقت لم يحرز الفوت كي يجب القضاء (١).
فالحكم في هذه الصورة هو التخيير بين الأمرين في الوقت عند تضييقه وان كان الأمر دائرا بين الجزئية أو المانعية وما ذكره هنا اقوى ممّا حكاه عنه في الدراسات من لزوم الاتيان بالآخر في خارج الوقت بحسب القاعدة عدا مورد ورد فيه الدليل الخاصّ على جواز الاكتفاء ببعض الأطراف.
كالاجتزاء بالصلاة إلى الجهة التي يظن انها القبلة أو الاجتزاء بصلاة واحدة مع تردد القبلة بين اربع جهات ولم يتمكن المكلّف إلّا من الاتيان بصلاة واحدة مع دوران الأمر بين الشرطية والمانعية فانّ استقبال كلّ جهة من الجهات كما يحتمل شرطيته لاحتمال كونه إلى القبلة يحتمل مانعيته لاحتمال كونه على خلاف القبلة.
وذلك لما أشار إليه هنا من ابتناء وجوب القضاء على صدق عنوان الفوت وهو غير
__________________
(١) مصباح الاصول / ج ٢ ، ص ٣٣٩.