اشتراط أن يكون جعل البراءة موافقا للامتنان النوعي.
ثمّ لا يخفى أنّ ذلك الشرط يختص بالبراءة الشرعية وامّا البراءة العقلية فليست إلّا مشروطة بعدم البيان بل ليس ذلك من الاشتراط في شيء حيث إنّ موضوعها هو عدم البيان لا ان شرطها ذلك (١).
فتحصّل أنّ أصالة البراءة مشروطة بعدم تضرر مسلم واقعا من اعمالها لورودها مقام الامتنان فمع احتمال التضرر لا تجري لكونها خلاف الامتنان فلا تغفل.
لا يقال إنّ لازم ذلك أنّ جريان الأصل مشروط بالعلم بعدم النص وهذا واضح الفساد فإنّ الأصل مشروط بعدم العلم بالنص لا بالعلم بعدم النص.
لأنّا نقول : إنّ عدم جريان الأصل في مورد الشك في الضرر من جهة عدم احراز الامتنان النوعي لا من الجهة المذكورة إذ المفروض أنّ أدلّة البراءة قاصرة عن شمول الموارد التي ليس فيها الامتنان النوعي وجعل البراءة في موارد الشك في الضرر خلاف الامتنان النوعي وإن كان موضوع الأصل وهو الشك متحققا.
نعم يمكن أن يقال : إنّ الظاهر من كلام التوني هو أنّ شرط التمسك بالأصل هو إحراز أنّ مورده فقدان النص ومع احتمال انطباق قاعدة الإتلاف أو قاعدة لا ضرر فالشرط غير حاصل فيرد عليه انّ مع الشك يتحقق موضوع البراءة والاحتمال المذكور غير مانع عن تحقق موضوعه إلّا أنّ المهم نفس الاشكال الذي ذكرناه عن سيدنا الاستاذ وإن لم يذكره الفاضل التونى فلا تغفل.
نعم لقائل أن يقول : ورود البراءة مورد الامتنان لا يكون أزيد من التصريح بالامتنان في الرواية ومن المعلوم أنّ مع التصريح بالامتنان فيها يبقى السؤال عن كون الامتنان حكمة للحكم أو علة له فمع عدم ثبوت العلية لا وجه لرفع اليد عن إطلاق البراءة ، إلّا أن يقال : إنّ أدلّة البراءة مع ورودها مورد الامتنان أو التصريح بذلك قاصرة عن شمول الموارد التى ليس فيها امتنان لنوع الناس وإن كان فيه امتنان لبعض الأشخاص فتأمّل.
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥١٣.