التخيير لما إذا كانا تعبديين أو كان أحدهما المعين تعبديا ولذا عمّم في الكفاية موضوع أصالة التخيير لغير التوصليين.
بقي هنا تخيير آخر وهو يختص بموارد التي لا يمكن الجمع بينهما من المتزاحمين كتزاحم واجب مع واجب آخر فانّ العقل يحكم بالتخيير ولكنّ الحكم الشرعي معلوم في الطرفين وإنّما عدم التمكن من جهة امتثالهما وعليه فالحكم بالتخيير تخيير فقهي من جهة عدم التمكن من ناحية الامتثال لا من جهة فقد النص أو اجماله أو تعارضه كما في التخيير الاصولي وكيف كان ان التخيير الفقهي في المتزاحمين لا يكون إلّا عند عدم مرجح لطرف بالنسبة إلى الآخر مضافا إلى عدم إمكان الجمع بينهما وإلّا فإن أمكن الجمع فاللازم هو الإتيان بهما لتمامية أدلتهما وإن كان ترجيح في بعض الأطراف فاللازم هو الإتيان به لأنّ الأمر يدور بين التعيين والتخيير والأصل فيه هو التعيين لأنّ الشك في السقوط بعد العلم بثبوت الحكم فإذا تزاحم بين الغريقين في الانقاذ ولم يمكن الجمع بانقاذهما تخيّر المكلّف في انقاذهما لو لم يكن ترجيح في البين وإلّا فالمتعين هو انقاذ طرف فيه الترجيح فإذا انقذنا الطرف المرجح نعلم بامتثال أنقذ الغريق وإلّا فلا نعلم بالامتثال والاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني.
ولذا قال في المستمسك فمع التساوي في الاهتمام يعلم بوجود الملاك في كلّ منهما تخييرا فيجب أحدهما على التخيير دون الآخر كما أنّه مع احتمال الأهميّة مع أحد الطرفين بعينه يعلم بوجود الملاك في محتمل الأهميّة إما تعيينا أو تخييرا بينه وبين الآخر فيجب بعينه عقلا دون الآخر وأما إذا كان احتمال الأهميّة موجودا في كلّ من الطرفين فلم يحرز وجود الملاك في كلّ منهما تخييرا فلا طريق للحكم بوجوب أحدهما تخييرا مع امكان الجمع بل يجب الجمع بينهما عقلا للعلم الإجمالي بوجوب أحدهما المردّد بينهما وما ذكرناه مطرد في جميع موارد الدوران بين ترك شرط وشرط آخر وبين ترك جزء وجزء آخر وبين ترك شرط وترك جزء مع العلم بوجوب الواجب (المشروط) وعدم سقوط وجوبه بتعذر جزئه أو شرطه مثل ان يدور الأمر بين ترك الطمأنينة في الصلاة وترك القيام وبين ترك القيام في الصلاة