الاطلاق لا يبقى الشك كما لا يخفى وإن كان الشك في السقوط بعد العلم بالثبوت ولم يكن إطلاق في البين فمقتضى الأصل هو التعيين والاتيان بما يحتمل تعيينه كما إذا شككنا في حجية قول غير الأعلم والأمر يدور بين تعيين الأعلم والتخيير بين الأعلم وغير الأعلم وحيث إنّ مع الاكتفاء بقول غير الأعلم نشك في سقوط التكاليف الواقعية بذلك كان الشك في السقوط بعد العلم بالثبوت فمقتضى قاعدة أنّ الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني هو لزوم الاكتفاء بقول الأعلم أو الراجح من جهة اخرى وعليه فالأصل هو التعيين.
هذا إذا لم يكن إطلاق لفظي في البين وإلّا فمع فرض إطلاق الدليل الدال على حجية قول المجتهد لا مجال للأصل لأنّ موضوعه هو الشك وهو يرتفع باطلاق الدليل كما لا يخفى.
وبالجملة فكل مورد يكون الشك في ثبوت التكليف فالعقل يحكم بالتخيير مع عدم أصل لفظي وكلّ مورد يكون الشك في سقوط التكليف بعد العلم بثبوته يحكم العقل بالتعيين مع عدم إطلاق الدليل ولذا ذهب كثير من الاصحاب إلى تعيين محتمل الأعلمية أو الأعدلية أو الأرجحية بالنسبة إلى غيرهم وجعل في المستمسك من هذا الباب ما إذا كان كلّ من بدنه وثوبه نجسا ولم يكن له من الماء إلّا ما يكفي لأحدهما حيث قال فيه لا مجال للتخيير إذا احتمل أولوية نجاسة البدن من نجاسة الثوب بل الأمر يدور بين التعيين والتخيير والأصل يقتضي التعيين وإن قلنا بالتخيير إذا دار الواجب بين التعيين والتخيير لأنّ الشك في المقام في السقوط للعلم بمانعية نجاسة البدن والشك في كون العجز المفروض مسقطا (١).
وفي جعل هذا من امثلة المقام تأمل ونظر لأنّ المعلوم هو مانعية النجاسة سواء كانت في البدن أو اللباس لا مانعية نجاسة البدن وعليه فلا يكون الشك في هذا الفرع شكا في السقوط بل الشك في الثبوت للشك في اعتبار الخصوصية في تطهير البدن وكيف كان فالمسألة واضحة وقد ذكر السيّد المحقّق الخوئي قدسسره في مصباح الاصول جملة من احكام دوران الأمر
__________________
(١) المستمسك / ج ١ ، ص ٥٢٢.