وثانيا بأنّه لم يظهر اعتماد هذا البعض أيضا على حديث (لا ضرر ولا ضرار في الاسلام) لأنّ ما يستدل به علماؤنا في المسائل الخلافية من الروايات المروية بطرق العامة ليس من باب الاعتماد عليها وإنّما هو من باب الاحتجاج على الخصم بما يعترف بحجيته ونقل الرواية في الخلاف والتذكرة إنّما هو من هذا القبيل بل الأمر كذلك في نقل الفقيه أيضا لأنّ هذا الكتاب وإن لم يكن قد وضعه شيخنا الصدوق للمحاجّة مع العامة في الفروع إلّا أنّه قد تعرض لرد كلامهم في عدة مسائل خلافية وقد كان منهجه في هذه المسائل نقل اخبار العامة التي تؤيد رأي الامامية وتقوم حجة عليهم وكانت من تلكم المسائل مسالة إرث المسلم من الكافر. (١)
وأمّا قيد (على مؤمن) فلا دليل عليه إلّا مقطوعة الكافي عن على بن محمّد بن بندار عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن بعض أصحابنا عن ابن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه قال إنّ سمرة بن جندب كان له عذق إلى أن قال قال له رسول الله صلىاللهعليهوآله إنّك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن الحديث. (٢)
ولا حجية للمقطوعة المذكورة لا سيما أنّ راويها هو البرقي الذي طعن عليه بالرواية عن الضعفاء ودعوى أنّ وجود الرواية في الكافي يكفي للحجية ولا يضرّها الانقطاع هذا مضافا إلى أنّ أصل القضية مروية باسناد معتبرة عن ابن بكير وابي عبيدة فمطابقة الرواية في أصل القضية ممّا يوجب الوثوق بصدورها.
مندفعة أوّلا بأنّ وجود الرواية في الكافي لا يكفي بدون تمامية السند وثانيا بما أفاده السيد المحقّق السيستاني مد ظله العالي من أنّه إذا كان مبنى الاعتماد على رواية ابن مسكان توافقها في المضمون مع رواية ابن بكير وأبي عبيدة فاللازم الاقتصار في ذلك على موارد الاتفاق ولا يمكن التعدي عنها إلى موارد الاختلاف. (٣)
__________________
(١) قاعدة لا ضرر للسيد المحقّق السيستاني (مد ظله العالى) / ص ٨٨ ـ ٨٩.
(٢) الكافي / ج ٥ ، ص ٢٩٤.
(٣) قاعدة لا ضرر ولا ضرار للسيد المحقّق السيستاني (مد ظله العالى) / ص ٩٤.