الكفاية ولذا أجاب عن ذلك بقوله ثمّ الحكم الذي اريد نفيه بنفي الضرر هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها أو المتوهم ثبوته لها كذلك في حال الضرر لا الثابت له بعنوانه لوضوح أنّه العلة للنفي ولا يكاد يكون الموضوع يمنع عن حكمه وينفيه بل يثبته ويقتضيه. (١)
مسلك من حمل النفي على النهي السلطاني :
ولا يذهب عليك أنّ المحكي عن سيّدنا الامام المجاهد قدسسره أنّ المحتمل جدا بل هو المتعيّن حسب القرائن الواصلة أنّ قوله صلىاللهعليهوآله لا ضرر ولا ضرار بمعنى النهي عن الضرر لكن لا بمعنى النهي الإلهي كأكثر النواهي المذكورة في الكتاب والسنة بل بمعنى النهي السلطاني والحكم المولوي وقد صدر عنه بما أنّه سائس الملة وقائدها ورئيس الملة وأميرها وأنّه صلىاللهعليهوآله نهى أن يضر الناس بعضهم ببعض وأن يجعل احد احدا في ضيق وحرج ومشقة وقد ألقاه صلىاللهعليهوآله على الوجه الكلي حتى يكون حجة على الكل في جميع الادوار وهو بما أنّه نهي سلطاني صدر عن نبي صلىاللهعليهوآله مفروض الطاعة يجب اقتفاء أثره واتباع قوله هذا هو المدعى.
وأمّا ما يدلّ عليه فمن طرق العامة ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده برواية عبادة بن صامت حيث وقفت على أنّه رواه بلفظة «وقضى» أن لا ضرر ولا ضرار ثمّ ساق سائر الاقضية وقد أوضحنا أنّ لفظة «قضى وحكم وأمر» ظاهر في كون المقتضي والمحكوم به من أحكام رسول الله صلىاللهعليهوآله بما هو سلطان أو من قضائه بما هو قاض ومعه لا مجال لحمله على أنّه صلىاللهعليهوآله بصدد الحكم النازل إليه من عند الله إذ ليس المقام مقامه وظاهر الكلام على خلافه كما أنّ المقام ليس مقام فصل الخصومة والقضاء كما لا يخفى فينحصر قوله «لا ضرر» في كونه نهيا سلطانيا أراد به نهي الامّة عن الاضرار وايجاد الضيق والحرج ولا ينافي ما ذكرنا من أنّه نهي سلطاني مع ما تقدم منا أنّ لفظة «قضى» ظاهر في أنّ الحكم المتلوّ له صادر عنه صلىاللهعليهوآله بما هو قاض فإنّ ذلك صحيح إذا لم يقم قرينة على كونه ليس بصدد فصل الخصومة والقضاء
__________________
(١) الكفاية / ج ٢ ، ص ٢٦٩.