سواء كان حكما أوّليا أو سلطانيا إذ لا فرق بين نوع النهي في عدم دلالته على تشريع مثل هذا الاضرار كما هو واضح وعليه فليس في الالتزام بالوجه المذكور علاج لهذه النقطة وكأنّه قد وقع الاشتباه فيما ذكر بين مرحلة اتخاذ الحاكم وسيلة لدفع الاضرار كقلع النخلة وبين الحكم بلزوم دفعه الذي يتكفّله القانون العام. (١)
وبالجملة أنّ حديث نفي الضرر وان لم يدلّ على الأمر بالقلع في حدّ ذاته ولكن يصح أن يكون مبنا للأمر بالقلع وعليه يمكن أن يقال في توجيه صحة تعليل الأمر بالقلع بحديث نفي الضرر كما في تسديد الاصول إنّ الكبرى الكلية هنا إنّما يكون توطئة وتمهيدا لحكمه بالقلع وحاصله أنّ سمرة وإن كان له حق ابقاء عذقه في بستان الأنصاري وحق المرور إليه بمقتضى عموم لا ضرر إلّا أنّه ليس له ايقاع الضرر على أهل الأنصاري ومضارته لهم بمقتضى عموم (لا ضرر ولا ضرار) فهذه الكبرى تدلّ على حدود حقه وما له وعليه فتدل على أنّ سمرة إذا كان مطيعا للاسلام فله حق ابقاء العذق والمرور إليه وليس له أن يضار الانصاري وحيث إنّ سمرة رجل عاص متمرد كما يظهر من صدر الحديث والنبي صلىاللهعليهوآله ولي المسلمين وقيّمهم ومن وظائف ولي الأمر والقيم رفع المظالم ودفعها فلا محالة عليه أن يسد باب هذه المضارة بما يراه طريقا أصلح ولا يتصور هنا إلّا طريقان إمّا نصب محافظ وعامل حكومي طول الأيام والليالي للمراقبة عن حائط الانصاري كي لا يدخله سمرة بلا إذن منه وفجأة عليه وإمّا بقلع مادة هذا الفساد وحيث إنّ الطريق الثاني هو الأصلح الأسهل فقد اختاره ولي الامة. (٢)
فتحصّل : أنّه لا وجه لحمل قوله لا ضرر ولا ضرار على النهي السلطاني مع ترجيح كونه حكما إلهيا بوجوه منها ظهور هذا التركيب في النفي الكلي لا النهي فضلا عن السلطاني.
ومنها : تناسبه لرفع الشبهة ودفع الظلم كليهما وغير ذلك ممّا عرفت والله هو الهادي.
__________________
(١) قاعدة لا ضرر للمحقق السيستاني (مد ظله العالي) / ص ١٨٩.
(٢) تسديد الاصول / ج ٢ ، ص ٢٧٧ ـ ٢٧٨.