فلا مناص حينئذ من الأخذ بمحتمل الأهمية.
وهذا الوجه للزوم الأخذ بالتعيين غير جار في المقام إذ المفروض أنّ الحكم المجعول واحد مردد بين الوجوب والحرمة فليس في البين إطلاقان وملاكان ونسبة العلم الإجمالي إلى كلّ من الحكمين على حد سواء فالحكم بالتخيير باق على حاله.
وأمّا القول الرابع : وهو الحكم بالتخيير الشرعي نظير التخيير في الأخذ بأحد الخبرين المتعارضين فلا دليل عليه في المقام وإن قام عليه دليل في الخبرين المتعارضين.
والتخيير بمعنى الأخذ بأحدهما من الفعل أو الترك في مقام العمل تخيير عقلي وهو حاصل ومعه لا حاجة إلى طلبه شرعا لأنّه تحصيل الحاصل.
وأمّا القول الخامس : وهو الحكم بالتخيير العقلي بين الفعل والترك بمناط الاضطرار عند عدم ترجيح أحدهما على الآخر فلا إشكال فيه لأنّ الفعل والترك إذا كانا متساويين في نظر العقل يحكم العقل بالتخيير لقبح الترجيح بلا مرجح وبعبارة اخرى إدراك قبح الترجيح بلا مرجح ملازم لإدراك التخيير نعم لو كان أحد الطرفين مرجحا فلا يحكم العقل بالتخيير بل يحكم بلزوم الأخذ بذي المزية كما لا يخفى.
والعلم الإجمالي بالتكليف في مثل المقام يسقط عن التأثير وهو الاحتياط لعدم تمكّنه منه كما أنّه لا يصلح المقام للحكم التخييري شرعيا كان كما في باب الخصال أو عقليا كما في المتزاحمين فإنّه إنما يكون في مورد يكون المكلّف قادرا على المخالفة بترك كلا طرفي التخيير فكان الأمر التخييري باعثا على الإتيان بأحدهما وعدم تركهما معا لا في مثل المقام الذي هو من التخيير بين النقيضين فإنّه بعد عدم خلو المكلّف تكوينا عن الفعل أو الترك لا مجال للأمر التخييري بينهما وإعمال المولوية فيه لغو محض فينحصر التخيير في المقام بالتخيير العقلي المحض بمناط الاضطرار.
نعم الأولى أن يقال إنّ المراد من حكم العقل بالتخيير هو إدراكه أنّ زمام الواقعة بيد المكلّف عند تساوي الطرفين أي الفعل والترك بمناط الاضطرار.