وبالجملة لا أرى قصورا في شمول القاعدة لمورد الكلام كما يساعده الوجدان والاعتبار فإنّ لازم ما ذكروه أن لا يصح الحكم بحرمة الاضرار في الموارد الخالية عن الدليل على جوازه أو حرمته والالتزام به في غاية الاشكال ودعوى أنّ الحكم الظاهري من أصالة الاباحة والجواز مجعول في تلك الموارد بعموم أدلّة الأحكام الظاهرية جارية بعينها بالنسبة إلى الضمان حيث إنّ أصالة عدم تعلقه أو أصالة البراءة منه حكم ظاهري مجعول في مورده بعموم أدلّة الاستصحاب أو البراءة.
إن قلت فما وجه عدم حكمهم بالضمان في الموارد التي لم يقتضيه دليل من قاعدة الاتلاف أو على اليد أو غيرها وهل هو إلّا لعدم شمول قاعدة لا ضرر للأحكام العدمية.
قلت لعلّ وجهه أن الحكم به ضرر على المضرّ كما أنّ عدمه ضرر على المضار فيتعارض الضرران وسيأتي الكلام في تعارض الضررين من أنّ مقتضى القاعدة هل هو تساقط قاعدة لا ضرر في مورده أو شمولها لما كان أولى بالشمول دون غيره فانتظر لتفصيل الكلام. (١)
واستشكل المحقّق النائيني في شمول لا ضرر للعدميات بقوله في محكي كلامه بأنّ دعوى أنّ ما هو الملاك في صحة تعلق النهي بنفس أن لا تفعل من صحة استناد العدم إلى الفاعل بقاء وإن لم يصح حدوثا هو الملاك في صحة استناد عدم جعل الأحكام إلى الجاعل فلا مانع من شمول القاعدة لها واثبات الحكم بها.
مندفعة بأنّ هذا يصح فيما تعلق الجعل بالعدم بأن يجعل عدم الضمان مثلا فما لم يتعلق الجعل به رفعا ووضعا لا يمكن اثبات الجعل فيه بالقاعدة.
يمكن الجواب عنه بما أفاد سيّدنا الاستاذ من أنّ المستفاد من قاعدة لا ضرر هو نفي ما ينشأ منه الضرر ممّا يمكن أن يستند إلى الشارع ولا فرق فيه بين الأحكام العدمية والوجودية ولا يلزم فيه الجعل بل يكفي صحة الاستناد وممّا ذكر ينقدح ضعف ما قاله أيضا
__________________
(١) المحاضرات لسيدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره / ج ٢ ، ص ٥٥٧ ـ ٥٥٩.