بالعمومات من الأحكام الشرعية وعدم حكم الشارع بشيء ليس من الأحكام المجعولة واطلاق الحكم عليها ليس إلّا من باب المسامحة وهذا هو المترائي من كلمات الشيخ قدسسره في رسالته المعمولة لقاعدة نفي الضرر وتبعه في ذلك المحقّق النائيني قدسسره.
وفيه كما أفاد سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره التحقيق أنّه لا قصور في شمول القاعدة للأحكام العدمية على نحو شمولها للأحكام الوجودية أمّا على المعنى المختار من أنّها اخبار بعدم وجود الضرر بمعناه الحدثي بعناية عالم التشريع وجعل الأحكام فواضح إذ هي على هذا المعنى تسدّ باب الضرر والمضارة بلحاظ تشريع الأحكام التكليفية والوضعية من دون فرق بين أن يكون الضرر ناشئا من الحكم الوجودي أو العدمي.
وأمّا على ما اختاره الشيخ وتبعه غيره من أنّ معناها عدم تشريع أحكام ينشأ منها الضرر فلأنّها ليست ناظرة إلى ما يصدق عليه الحكم كي يناقش في شمولها للأحكام العدمية من جهة أنّ الحكم العدمي ليس بحكم مجعول حقيقة إذ ليس لفظ الحكم في العبارة لينازع في أنّه هل هو صادق على ما ليس بمجعول أو لا وكأنّهم لما ذهبوا في معنى الحديث إلى هذا تخيلوا أنّه حينئذ بمنزلة ما لو قيل لم يشرع في الاسلام حكم ينشأ منه الضرر وحيث رأوا عدم صدق الحكم على العدميات على سبيل الحقيقة أفتوا بعدم شمول الحديث لها وفيه أنّه فرق ظاهر بين ما إذا ذكر لفظ الحكم في العبارة فقيل لا حكم ينشأ منه الضرر وبين ما إذا لم يذكر هذا اللفظ حيث يمكن منع شمول العبارة الأولى بظاهرها للأحكام العدمية من جهة عدم صدق الحكم عليها حقيقة.
بخلاف العبارة الثانية التي ليس فيها ما يصرفها بظاهرها عن تلك الأحكام وإذا يرجع الكلام ويقال معنى هذه العبارة نفي ما ينشأ منه الضرر ممّا يمكن أن يستند إلى الشارع ولا فرق حينئذ بين الأحكام العدمية والوجودية إذ كما يكون الحكم الوجودي مستندا إليه حدوثا وبقاء كذلك يكون الحكم العدمي مستندا إليه لكنّه لا حدوثا بل بلحاظ عالم البقاء مثل استناد عدم الفعل إلى الفاعل بهذا اللحاظ.