بلغ من الأهمية إلى ما لا يرضى الشارع بتركه أو فعله ولو بلغ ما بلغ ايعاد المكره بالكسر فدعوى عدم شموله لفعل المحرمات أو ترك الواجبات ممنوعة ألا ترى قوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(١)
وإليه يؤول ما أفاده سيدنا الامام المجاهد قدسسره على ما حكي عنه من أنّ الظاهر حكومة حديث رفع الاكراه على دليل نفي الضرر بأي معنى فسر سواء كان نهيا شرعيا أو نهيا سلطانيا فان حديث رفع ما استكرهوا حاكم على الرواية إلى أن قال نعم القول بحكومة حديث رفع الاكراه على أدلة الأحكام على اطلاقها غير صحيح.
ولا يمكن الجمود على اطلاق الحديث والعمل به وإن تحقق الاكراه كما إذا اوعده واكرهه على هدم الكعبة واحراق القرآن وابطاله بحيث يقع الناس معه في الضلالة أو أمره بمعاصي الموبقة المهلكة ولا أظن التزامهم بحكومة الحديث على ما دل على حرمة تلك الأفعال وإن أوعده المكره بما أوعد به في طلاق امرأته أو عتق عبده لتحقق الاكراه وصار الطلاق والعتق باطلين كما لو أوعده بالشتم والضرب ونهب مال يسير فإنّ الايعاد بها يدخل الطلاق والعتاق لأجله تحت حديث الرفع ويحكم الطلاق وعديله بالبطلان إلّا أنّ ذلك الايعاد لا يمكن أن يكون ملاكا للاتيان بالمحارم الموبقة والعزائم المذكورة بل لا يجوز في بعض الصور وإن أوعده بالقتل وإن ورد التقية في كل شيء إلّا الدماء.
وبذلك يتضح أنّه لو أمره الوالي بهدم بيوت الناس وضربهم وسبي نسائهم ونهب أموالهم وأوعده بما يتحقق معه أول مرتبة من الاكراه من الشتم ونحوه لا يجوز له ذلك وإن اطلاق قوله كل ما اضطر إليه ابن آدم فقد أحلّه الله منصرف عنه وعلى ذلك فالأولى التفصيل بين الوضع والتكليف وأنّ حديث الرفع حاكم على الأحكام الوضعية في عامة مراتب الإكراه
__________________
(١) سورة النحل / الآية ١٠٦.