بسم الله الرّحمن الرّحيم
ـ ١ ـ
للامام أبي محمد الحسن (ع) تأريخ مشرق ، حافل بأروع صفحات البطولة والجهاد ، وسيرة ندية تنبض بالعدل والتقوى ، وتتدفق بالقابليات الفذة ، والنزعات الخيرة ، وتلتقي بها سجاحة الخلق ، واصالة الرأي ، وعمق التفكير ، وقد اجمع المترجمون له أنه من احلم الناس ، واقدرهم على كظم الغيظ ، والصبر على الأذى والمكروه ، فما عرف من سيرته أنه قابل مسيئا باساءته ، ولا جازى مذنبا بذنبه ، وإنما كان يغدق عليهم بالاحسان ويقابلهم بالمعروف ، شأنه شأن جده الرسول (ص) الذي وسع الناس باخلاقه وحلمه.
وحسبها شهادة تدل على عظيم حلمه ادلى بها الد خصومه ، واحقد اعدائه مروان بن الحكم حينما بادر إلى حمل جثمانه الطاهر ، فاستغرب منه سيد الشهداء وقال له : « اتحمل جثمانه ، وكنت تجرعه الغصص؟! »
فقال مروان : « كنت افعل ذلك بمن كان يوازي حلمه الجبال » وكما كان من احلم الناس ، فقد كان من ابرز رجال الفكر في سداد الرأي وصواب التفكير ، وقد تجلى ذلك في صلحه مع معاوية ، وتجنبه من فتح باب الحرب ، فان البلاد كانت تضج بالحزبية ، وباع زعماء القبائل وقادة الجيش ذممهم على معاوية ، وانحازوا إلى معسكره لا