« فلو فرض أن لا نص بالخلافة على أحد من آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وفرض كونهم مع هذا غير مبرزين في حسب أو نسب او اخلاق أو جهاد ، أو علم ، أو عمل ، او ايمان ، أو اخلاص ، ولم يكن لهم السبق في مضامير كل فضل ، بل كانوا كسائر الصحابة ، فهل كان مانع شرعي ، أو عقلي ، أو عرفي يمنع من تأجيل عقد البيعة الى فراغهم من تجهيز رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ ولو بأن يوكل حفظ الامن الى القيادة العسكرية موقتا حتى يستتب أمر الخلافة؟
أليس هذا المقدار من التريث كان أرفق باولئك المفجوعين؟ وهم وديعة النبي لديهم ، وبقيته فيهم. وقد قال الله تعالى : ( لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) أليس من حق هذا الرسول ـ الذي يعز عليه عنت الامة ويحرص على سعادتها ، وهو الرءوف بها الرحيم لها ـ أن لا تعنت عترته فلا تفاجأ بمثل ما فوجئت به ـ والجرح لما يندمل والرسول لما يقبر » (١)
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مسجى على فراش الموت لم يغيبه عن عيون القوم مثواه ، وراحوا بهلع وجشع يتسابقون الى الحكم والسلطان ، واهملوا عترته ، واجمعوا على مجافاتهم ، وهضم حقوقهم ، وسلب تراثهم ، ومنذ ذلك اليوم واجهت العترة الوانا قاسية من النكبات والخطوب فاريقت دماؤها ، وسبيت نساؤها ، ولم ترع فيها قرابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم التي هي اولى بالرعاية والعطف من كل شيء.
٢ ـ ومما يؤخذ على هذه البيعة انها لم تكن جامعة لاهل الحل والعقد الذي يعتبرونه هم شرطا اساسيا فى حصول الاجماع وفي مشروعية الانتخاب ، فقد الغى القوم استشارة الطبقة الرفيعة في الاسلام فلم يعتنوا
__________________
(١) النص والاجتهاد ص ٧