« الله الله يا معشر المهاجرين! .. لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره ، وقعر بيته الى دوركم وقعور بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه فى الناس وحقه؟ .. فو الله يا معشر المهاجرين لنحن احق الناس به ـ لأنا أهل البيت ـ ونحن أحق بهذا الامر منكم ، ما كان فينا القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، الدافع عنهم الامور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية ، والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحق بعدا .. » (١)
ودفع الامام باحتجاجه الرائع جميع شبه القوم فلم يترك لهم نافذة الا سدها ببليغ حجته وقوة برهانه ، فان أبلغ ما تمسك به أبو عبيدة لاثبات ولاية أبي بكر أنه اكبر سنا من امير المؤمنين وذلك عنده مقياس الصواب وفصل الخطاب ، ولكنه منطق مفلوج فى نظر الاسلام ، فان المقياس عنده في قيم الرجال أن تتوفر فيهم المواهب والكفآت والعبقريات فمن تمتع بها فهو الخليق بزعامة الامة ، وبادارة شئونها ، ولهذه الجهة نظر الامام في احتجاجه فبين لهم الصفات الرفيعة الماثلة فى أهل البيت عليهمالسلام من الفقه بدين الله ، والعلم بسنن رسوله والاضطلاع بامور الرعية ودفع الشر والمكروه عنها ، والقسم بينها بالسوية ، وهذه الصفات التي اعتبر الاسلام مثولها في الحاكمين والمسئولين لم تتوفر الا عند أهل البيت عليهمالسلام فهم احق بالأمر وأولى به من غيرهم.
واحتجت سيدة نساء العالمين بحجج بالغة على القوم ، وبينت لهم سوء ما فعلوا ، وعظيم ما ارتكبوا قالت سلام الله عليها :
__________________
(١) الامامة والسياسة ١ / ١١ ـ ١٢